تخصيص 343 مليار درهم لملعب الدار البيضاء.. أولوية الملاعب فوق احتياجات المواطن

في وقت يعاني فيه ملايين المغاربة من الفقر والبطالة ونقص الخدمات الأساسية، أعلنت الحكومة المغربية الثلاثاء عن مشروع بناء أكبر ملعب في العالم بالدار البيضاء بتكلفة خيالية تبلغ 3.4 مليار درهم (373 مليون دولار). الصفقة، التي فاز بها تحالف شركتي “SGTM” و”TGCC”، تثير تساؤلات حول جدوى إنفاق مليارات الدراهم على منشأة رياضية في بلد يعاني منظومة التعليم والصحة من أزمات مزمنة، وتصل نسبة الفقر فيه إلى 17.5% حسب آخر الإحصاءات الرسمية.
المشروع، الذي سيتسع لـ115 ألف متفرج، يهدف إلى استضافة مباريات كأس العالم 2030، لكنه يطرح إشكالية الفجوة بين الاستثمار في البنى التحتية الكبرى واحتياجات المواطن اليومية. فبينما تُنفق الدولة مليارات الدراهم على ملعب واحد، تعاني مستشفيات المغرب من نقص حاد في التجهيزات، وتفشل المدارس العمومية في توفير تعليم لائق لأطفال الأسر الفقيرة.
التصميم الفاخر للملعب، الذي أنجزته شركة أمريكية بالتعاون مع مهندسين عالميين، يستوحي “روح التراث المغربي”، لكنه يبدو كصرخة فخامة في وجه واقع اجتماعي صعب. فهل سيكون هذا الملعب مصدر فخر للمغاربة، أم مجرد “قصر رمال” يُنفق عليه بينما ميزانيات الصحة والتعليم تُقلص سنوياً؟
المفارقة الأكبر أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة لتأهيل 6 ملاعب أخرى بتكلفة إجمالية تصل إلى 20.5 مليار درهم، في حين أن مخصصات القطاع الصحي في موازنة 2025 لم تتجاوز 18 مليار درهم! السؤال الذي يفرض نفسه: هل الأولوية حقاً للملاعب أم للمواطن؟
صحيح أن كأس العالم حدث عالمي يستحق التحضير الجيد، لكن المغرب لم يعد بلداً قادراً على تحمل مشاريع “التباهي” بينما المدارس تتهالك، والمستشفيات تفتقر لأبسط الأدوية، والقرى النائية تنتظر الماء والكهرباء منذ عقود. إذا كان الهدف هو رفع العلم المغربي عالياً، فليكن ذلك عبر تعليم جيد، وصحة متاحة للجميع، وعدالة اجتماعية، لا عبر ملاعب عملاقة تخدم النخبة فقط.
تعليقات