خدعة إعادة التدوير.. كيف تحوّل المغرب إلى وجهة للنفايات الخطيرة الأوروبية؟

كشفت صحيفة “إل باييس” الإسبانية في تحقيق أجرته الصحفية ماريا خوسيه كارمونا عن فضيحة بيئية خطيرة، حيث يتم تهريب نفايات أوروبية خطرة إلى المغرب تحت ستار عمليات إعادة التدوير. التحقيق كشف النقاب عن شبكة إجرامية دولية متخصصة في الاتجار غير المشروع بالنفايات، تدرّ أرباحاً طائلة على حساب صحة المواطنين والبيئة المغربية.
ووفقاً للتحقيق الصحفي، قامت وحدة “سيبرونا” التابعة للحرس المدني الإسباني باعتقال أكثر من 100 شخص يشتبه في تورطهم بهذه الشبكة الدولية. تعمل هذه الشبكة الممتدة عبر عدة دول أوروبية على استيراد النفايات من إيطاليا وفرنسا والبرتغال إلى إسبانيا، قبل إعادة تصديرها إلى دول أخرى ومنها المغرب، في عملية معقدة تهدف إلى التهرب من القوانين البيئية الصارمة في أوروبا.
تكشف التحقيقات عن فجوة كبيرة في تكاليف معالجة النفايات بين الدول الأوروبية، حيث تصل تكلفة معالجة الطن الواحد في فرنسا وإيطاليا إلى 300 يورو، بينما تنخفض إلى 50 يورو فقط في إسبانيا. هذه الفوارق الكبيرة تشكل حافزاً قوياً للشركات للتخلص من نفاياتها بطرق غير قانونية، مستغلة ضعف الرقابة في بعض الدول المستقبلة.
الأساليب التي تستخدمها هذه الشبكات في التهريب تثير القلق، حيث يتم تمويه النفايات الخطرة تحت غطاء مواد قابلة لإعادة التدوير. فغالباً ما تخفي الشحنات نفايات سامة مثل البلاستيك الزراعي الملوث بالمبيدات الحشرية تحت طبقات من مواد بلاستيكية أو معدنية تبدو نظيفة، مما يجعل اكتشافها صعباً خلال عمليات التفتيش الجمركية الروتينية.
أدت التحقيقات إلى اعتقال 27 شخصاً إضافياً وتفتيش 7 شركات متخصصة في إدارة النفايات، حيث تبين أن أرباح هذه الشبكة غير المشروعة تجاوزت 15 مليون يورو. هذه الأرقام تكشف عن حجم التجارة القذرة التي تستغل الفجوات القانونية والفرق في تكاليف المعالجة بين الدول الغنية والفقيرة.
التقرير يطرح أسئلة محرجة حول مدى فعالية الإجراءات المغربية في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة. فمع تزايد الأدلة على تحول بعض الدول النامية إلى مكب للنفايات الأوروبية، يبقى السؤال الأهم: هل تمتلك المغرب آليات رقابة كافية لاكتشاف ومنع دخول هذه النفايات الخطرة التي تهدد البيئة وصحة المواطنين؟
تعليقات