آخر الأخبار

ما وراء صمت وزارة الداخلية عن إعفاء واليي فاس ومراكش؟

في مشهد يكرس أزمة التواصل الرسمي، تواصل وزارة الداخلية صمتها المطبق حول أنباء إعفاء والي جهة فاس مكناس معاذ الجامعي ووالي مراكش آسفي فريد شوراق من منصبيهما. هذا الصمت الرسمي يأتي رغم انتشار الخبر كالنار في الهشيم عبر وسائل إعلام محلية ودولية، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول مصداقية التطورات الإدارية في البلاد.

مصادر إعلامية متعددة نقلت الخبر عن “بشكل مجهول”، بينما كشفت مصادر مطلعة لموقع “مغرب تايمز” أن الواليين قاما بإلغاء جميع أنشطتهما الرسمية فور تلقيهما رسالة من الرباط. التفاصيل المتداولة تشير إلى أن القرار جاء نتيجة مخالفة توجيه ملكي بعدم ذبح أضحية العيد هذه السنة، في إطار الحفاظ على الثروة الحيوانية التي تعاني من تداعيات الجفاف المتكرر.

المفارقة الصارخة تكمن في تعامل الوزارة المتباين مع الملفات الحساسة. فبينما أصدرت سابقاً بلاغاً مفصلاً حول توقيف عامل عمالة الصخيرات-تمارة وعدد من رجال السلطة، نجدها اليوم تلتزم الصمت المطبق في قضية تخص مسؤولين سامين يشغلان مناصب حيوية في إدارة جهتين رئيسيتين بالمملكة.

اللافت أن هذا الصمت يأتي رغم الإصلاحات التواصلية التي باشرتها الوزارة، حيث عينت رشيد الخلفي ناطقاً رسمياً باسمها في شتنبر 2024، ثم عبد الله العلوي عاملاً مديراً للتواصل في ماي 2025، إضافة إلى توظيف أطر متخصصة في الإعلام والتواصل. هذه الخطوات التي كان يُعتقد أنها ستفتح صفحة جديدة من الشفافية، تبدو اليوم وكأنها مجرد إجراءات شكلية في ظل غياب أي تفاعل رسمي مع قضية تمس الرأي العام.

تساؤلات عديدة تطفو على السطح في ظل هذا الغموض: هل تم الإعفاء فعلاً؟ وما هي الجهة التي اتخذت القرار؟ وهل تقتصر المخالفة على مسألة الأضحية أم أن هناك أسباباً أعمق لم تُكشف بعد؟ وهل سيقتصر الإجراء على الواليين أم أنه يشمل مسؤولين آخرين؟

في خضم هذا الصمت الرسمي، تزداد حدة الأسئلة حول مدى التنسيق بين الواليين والوزارة قبل اتخاذ قرار ذبح الأضحية. هل كان القرار فردياً أم أنه تم بتنسيق مع أطراف أخرى؟ ولماذا لم تبادر الوزارة إلى توضيح الموقف رغم مرور الوقت على انتشار الخبر؟

في عصر أصبح فيه الحق في المعلومة مكفولاً دستورياً، يبدو صمت وزارة الداخلية بمثابة انتكاسة للشفافية التي طالما نادت بها السلطات. هذا الموقف لا يغذي الشائعات فحسب، بل يهدد بزعزعة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، خاصة عندما يتعلق الأمر بقرارات مصيرية تمس مسؤولين كباراً.

السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه اليوم: إلى متى سيستمر هذا الصمت؟ فكل ساعة تمر دون توضيح رسمي تعمق من أزمة التواصل، وتفتح الباب أمام تفسيرات قد لا تمت للحقيقة بصلة. الوقت الآن ليس وقت الصمت، بل وقت التوضيح والشفافية، قبل أن تتحول القضية من مجرد إجراء إداري إلى أزمة ثقة مؤسساتية.

المقال التالي