لغز اختفاء شاب مغربي على باخرة إسبانية يهز الرأي العام

لا تزال قضية اختفاء الشاب مروان لمقدم، المنحدر من مدينة الحسيمة، تلفها الكثير من الغموض بعد أن فُقد أثره في ظروف مشبوهة خلال رحلة بحرية بين المغرب وإسبانيا، وهو ما أثار موجة من القلق والغضب وسط عائلته والرأي العام، في المغرب وخارجه.
الواقعة تعود إلى أيام مضت حين استقل مروان، الشاب العشريني، باخرة “أرماس” التي انطلقت من ميناء بني أنصار بإقليم الناظور متجهة نحو جنوب إسبانيا. ورغم تأكيد خروجه الرسمي من التراب المغربي، إلا أن وصوله إلى الضفة الأخرى لم يُثبت، ما حول قضيته إلى لغز لا يزال بلا حل، وسط صمت مثير للجدل من شركة الملاحة المعنية.
عائلته، التي لم تهدأ منذ لحظة اختفائه، أكدت أن مروان اتصل هاتفياً بأخيه من داخل الباخرة، وكان صوته طبيعياً ولا يوحي بتعرضه لأي تهديد. لكن ما زاد من حدة المخاوف، هو عدم العثور على أمتعته عند وصول السفينة، وعدم تسجيل السلطات الإسبانية لأي دخول باسمه.
محامية العائلة أشارت بدورها إلى وجود “فراغ قانوني وإعلامي” يحيط بالقضية، مؤكدة أن كل المؤشرات تدعو للقلق، خاصة في ظل غياب توضيحات من الشركة المالكة للباخرة، التي التزمت الصمت التام منذ بداية الأزمة، رغم المناشدات المتكررة من الأسرة والمتعاطفين.
وفي تطور لافت، أدلى أحد البرلمانيين في المنطقة بسؤال كتابي لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، مطالباً بتوضيح رسمي حول الخطوات المتخذة لكشف مصير مروان. وقد جاء في رد الوزير أن الوزارة تتابع الملف بجدية، وتنسق مع مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك السلطات الإسبانية، من أجل الوصول إلى حقيقة ما جرى، غير أن “انتظار العائلة طال، والقلق يتفاقم يوماً بعد آخر”.
من جهتها، طالبت الأسرة بفتح تحقيق دولي شفاف يشمل تفريغ محتوى كاميرات المراقبة داخل الباخرة، والاستماع إلى شهادات الطاقم والركاب، كما دعت منظمات حقوق الإنسان في المغرب وأوروبا إلى التدخل لتسليط الضوء على ما تعتبره “انتهاكاً صارخاً لسلامة المسافرين وحقوق الإنسان”.
وفي هذا السياق، كشف شقيق مروان أن العائلة توجهت بطلب رسمي إلى الشركة المالكة للباخرة للحصول على تسجيلات كاميرات المراقبة أو على الأقل تعليق رسمي حول الحادث، غير أن طلبها قوبل بالرفض التام. بل الأكثر من ذلك، يضيف المتحدث، أن السلطات المغربية نفسها طلبت من الشركة تسليم تفريغ الكاميرات في إطار التحقيقات، إلا أن رد الشركة كان بالرفض أيضاً، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول ما تخفيه الشركة، ويزيد من الشكوك بشأن حقيقة ما جرى على متن الباخرة.
ومما زاد من تعقيد الملف، ما ورد في شهادات بعض الركاب الذين كانوا على متن الرحلة ذاتها، إذ تحدثت إحدى المسافرات عبر مواقع التواصل عن مشاهدتها لمشادات كلامية وقعت بين مروان وبعض أفراد طاقم الباخرة، قبل أن يُدفع بعنف ويرتطم بجسم معدني، مما أفقده الوعي، حسب قولها. وأشارت إلى أن أحد العاملين أخبرها لاحقاً بأنه “تم نقله لتلقي العلاج”، دون تفاصيل إضافية.
شهادة أخرى أيدت الرواية، ما يعزز احتمال تعرض مروان لحادث أثناء الرحلة، ويطرح تساؤلات جادة حول ما إذا كانت هناك محاولة لإخفاء الحقيقة.
ومع توالي الأيام دون تقدم ملموس في التحقيق، تتصاعد الدعوات الشعبية والحقوقية للمطالبة بكشف الحقيقة، وإحالة كل من يثبت تورطه للمساءلة القضائية، ضماناً للعدالة وإنصافاً لعائلة شاب لا تزال تنتظر عودته، أو على الأقل، معرفة مصيره..
تعليقات