آخر الأخبار

أين تذهب أموال المغاربة؟.. ارتفاع العجز إلى “11.7” مليار درهم

تشير أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية إلى أن المالية العمومية المغربية تواجه اختبارًا صعبًا في ظل تصاعد غير مسبوق في مستويات المديونية. فقد تجاوز الدين الداخلي 776.7 مليار درهم بنهاية أبريل 2025، مسجلًا زيادة قدرها 21.7 مليار درهم في غضون أربعة أشهر فقط. هذا المسار التصاعدي يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على كبح جماح التوسع في الاقتراض، خاصة مع تزايد الاعتماد على السوق المحلي عبر إصدار سندات الخزينة التي بلغت قيمتها الإجمالية 53.9 مليار درهم، مقابل سداد 32.3 مليار درهم فقط.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الارتفاع الحاد في نفقات خدمة الدين، التي قفزت إلى 15.2 مليار درهم، بزيادة 2.1 مليار درهم مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وتستأثر فوائد الدين الداخلي وحدها بـ 11.5 مليار درهم، مسجلة ارتفاعًا صادمًا بنسبة 23.9%، بينما بلغت فوائد الدين الخارجي 3.7 مليار درهم. هذه الأرقام تعكس عبئًا متزايدًا على الموازنة العامة، مما يحد من قدرة الدولة على توجيه الموارد نحو الاستثمارات التنموية.

رغم ارتفاع الإيرادات العادية بنسبة 19% لتصل إلى 144.1 مليار درهم، إلا أن وتيرة النفقات تجاوزتها بكثير، مسجلة ارتفاعًا صاروخيًا بنسبة 28.5% لتصل إلى 134.4 مليار درهم. المفارقة هنا تكمن في أن الزيادة في المداخيل لم تكن كافية حتى لتغطية النفقات الجارية، ناهيك عن تقليص العجز الذي قفز إلى 11.7 مليار درهم، مقارنة بـ 1.2 مليار درهم فقط في الفترة ذاتها من عام 2024.

تحليل بنود الإنفاق يكشف عن توجه مقلق حيث تصعد كتلة الأجور إلى 58.3 مليار درهم بزيادة 12.4%، بينما تشهد نفقات المعدات واللوازم قفزة غير مبررة بنسبة 67.4% لتصل إلى 53.4 مليار درهم، كما تلتهم تحويلات المؤسسات العمومية 22 مليار درهم دون ضمانات واضحة للعائد. هذه الأرقام تطرح سؤالًا جوهريًا حول كفاءة الإنفاق الحكومي ومدى خضوعه لمعايير الرشادة.

سجلت المداخيل الضريبية أداءً إيجابيًا بارتفاعها إلى 128.7 مليار درهم بنمو 22.3%، مدعومة بارتفاع ضريبة الشركات 38.9 مليار درهم بنمو 38.5%، وضريبة الدخل 27.5 مليار درهم بنمو 32%، والضريبة على القيمة المضافة 35.4 مليار درهم بنمو 11.5%. لكن هذا النمو يعتمد جزئيًا على تسويات ضريبية مؤقتة، بينما تظل مشكلات هيكلية مثل ضيق القاعدة الضريبية وتباطؤ استرداد مستحقات الضريبة على القيمة المضافة (تجاوزت 4.7 مليار درهم) عقبات كبرى.

السيناريو الحالي ينذر بأزمة مالية متصاعدة ما لم تتخذ إجراءات جذرية تشمل مراجعة سياسة الإنفاق ووقف الهدر في النفقات الإدارية، وإصلاح النظام الضريبي لتوسيع القاعدة وتقليل التهرب، وتحسين جودة الاستثمار العام وربط الدعم بالمردودية، وتعزيز الشفافية في تدبير المال العام. لكن السؤال الأهم يبقى حول مدى استعداد الدولة لاتخاذ قرارات صعبة قبل أن يتحول الدين العام إلى كابوس يخنق الاقتصاد المغربي، حيث تشير المؤشرات الحالية إلى أن الوضع لا يبشر بالخير.

المقال التالي