بعد الفضيحة.. هل يكون “أستاذ أكادير” بداية سقوط شبكة الفساد الجامعي؟

تتواصل التحقيقات في فضيحة بيع الشهادات الجامعية بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكادير، بعد توقيف أستاذ جامعي يُشتبه في تسهيل حصول شخصيات على شهادات ماستر ودكتوراه مقابل مبالغ مالية. القضية طالت محامين وموظفين ومسؤولين، وشملت أيضاً زوجة الأستاذ وابنه، ما أدى إلى اتخاذ إجراءات احترازية ضدهم.
وزارة التعليم العالي بدورها دخلت على الخط باستدعاء عميد الكلية وأطرها، فيما جُمّدت عضوية الأستاذ المعني داخل حزب الاتحاد الدستوري الذي كان قد التحق به. فيما كشف متتبعون أن هذه القضية تعد من أخطر الملفات التي تهز مصداقية التعليم العالي بالمغرب، وسط مطالب بمحاسبة شاملة.
لكن دعونا جميعا نتساءل، هل يعقل أن تقتصر المحاسبة على أستاذ واحد، في حين أن شهادات منحها هذا الأخير استفاد منها محامون ومسؤولون أمنيون وقضائيون؟ أليس من المفترض أن يتم استدعاء هؤلاء والتحقيق معهم، باعتبارهم شركاء محتملين في هذه الفضيحة؟ وإذا ثبت أن بعضهم حصل على شهادات عليا دون وجه حق، فهل سيتم سحبها منهم ومساءلتهم قانونياً ومهنياً؟
تساؤلات عديدة تطرح نفسها بإلحاح، أولها حول مصدر الأموال الطائلة التي وُجدت في الحساب البنكي لزوجة الأستاذ الموقوف، والتي بلغت حسب المعطيات الأولية 8 مليار سنتيم. هل سيتم فتح تحقيق جدي وشامل في مصدر هذه الأموال؟ وهل ستشمل التحقيقات ممتلكات الأسرة وأسلوب عيشها خلال السنوات الماضية؟
كما يُطرح تساؤل آخر حول مدى مسؤولية رئاسة جامعة ابن زهر في هذه الفضيحة. ألم يكن من المفترض أن يتم التدقيق في مسار هذا الأستاذ قبل منحه فرصة الإشراف على طلبة الماستر والدكتوراه؟ وهل تتحمل الجامعة نصيباً من المسؤولية في تشغيل أساتذة غير مؤهلين أخلاقياً لتأطير النخبة الجامعية؟ ثم عل سيتم فتح تحقيق مع رئاسة الجامعة خول هذا الموضوع ؟
ويتساءل مهتمون وحقوقيون، هل الأستاذ المعني هو الوحيد المتورط في ممارسات مماثلة؟ أم أن ما خفي كان أعظم، وأن جامعات مغربية أخرى تعيش تحت وقع فساد ممنهج ومتواصل؟ ألا يستوجب هذا فتح تحقيق وطني يشمل كل الجامعات، خصوصاً في ظل ما كشفت عنه جريدة “مغرب تايمز” من شهادات طلاب يشكون من الإقصاء والتهميش خلال مباريات الولوج إلى الماستر، لصالح أبناء النافذين أو عبر دفع رشاوى تحت الطاولة؟
وفي هذا السياق، يبقى السؤال الأكبر والأخطر: هل ستتدخل الجهات الأمنية المختصة، وعلى رأسها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، لفك لغز هذه الشبكة التي يبدو أن خيوطها تمتد لتشمل شخصيات نافذة في القضاء والأمن والتعليم؟ وهل سيكون هذا الملف نقطة تحول حقيقية نحو تطهير الجامعة المغربية من كل أشكال الفساد والمحسوبية؟
الشارع المغربي، ومعه الرأي العام الوطني، -حسب تعليقات العديد من المتتبعين- ينتظر أجوبة واضحة وتحقيقات شفافة، تضع حداً لهذا العبث الذي يضرب عمق المصداقية التعليمية، ويمسّ بتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، في وقت يحتاج فيه المغرب إلى نخبة علمية نزيهة تساهم في تنمية البلاد لا في بيع أو شراء ضمائرها.
تعليقات