مغرب تايمز يكشف خلفيات اعتقال أستاذ بكلية الحقوق بأكادير

تعرف الجامعات المغربية بين الفينة والأخرى تفجر فضائح تتعلق بالفساد الإداري أو الأخلاقي، الأمر الذي يثير استياء واسعا في أوساط الرأي العام، ويعيد النقاش حول واقع التعليم العالي ومواطن اختلاله. هذه الفضائح، التي تتنوع بين الرشوة، والمحسوبية، واستغلال النفوذ، غالباً ما تبرز إلى السطح ثم تُطوى دون أن تترتب عنها محاسبة جدية، مما يعمق فقدان الثقة في منظومة الجامعة العمومية، ويدفع بالكثيرين إلى المطالبة بإصلاحات جذرية تعيد الاعتبار لهذه المؤسسة الحيوية.
وفي هذا السياق، عادت جامعة ابن زهر إلى واجهة الجدل بعد تفجر فضيحة مدوية طالت أحد أساتذة كلية الحقوق التابعة لها بمدينة أكادير، بعدما جرى توقيفه يوم أمس بمدينة مراكش، وإيداعه سجن الأوداية على خلفية تهم تتعلق بالتلاعب في تسجيلات الماستر ومنح شواهد جامعية مقابل مبالغ مالية. الحادثة أعادت إلى الواجهة الحديث عن الفساد الذي يمكن أن ينخر بعض مؤسسات التعليم العالي من الداخل، عندما تُختزل قيم العلم في علاقات زبونية وشبكات مصالح.
وبحسب مصادر خاصة، فإن الأستاذ الموقوف يُعرف داخل الكلية بسلوكيات مثيرة للريبة، كما ظل يشكل مصدر قلق لعدد من الطلبة الذين كانوا يتفادون الاصطدام به بسبب ما يُروج عن علاقاته المتينة مع جهات نافذة، وهو ما كان، بحسب ذات المصادر، سببا في تجميد عدد من الشكايات والملفات التي كانت تُثار حوله منذ مدة.
ومع أن الحديث عن ممارساته لم يكن جديدا في الأوساط الجامعية، إلا أن وضع حد لمساره لم يتم إلا بعد التغييرات الأخيرة التي مست هرم النيابة العامة، وتحديداً تعيين هشام بلاوي وكيلاً عاماً لدى محكمة النقض ورئيساً للنيابة العامة في أعقاب المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس.
هذه القضية، التي تمس أحد رموز هيئة التدريس بجامعة يفترض أن تضطلع بدور تربوي وأكاديمي في صون القيم، تطرح مجدداً أسئلة ملحة حول آليات الرقابة داخل الجامعات المغربية، ومدى صلابة النظام الأخلاقي والإداري الذي يحكم أداء المؤسسات الجامعية، وحول ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لضمان الشفافية، ومحاربة كل أشكال الانحراف التي تسيء إلى صورة الجامعة العمومية، وتُفرغ مؤهلاتها من مضمونها الحقيقي.
وإزاء هذه المعطيات المثيرة للقلق، يحق للرأي العام أن يتساءل عن موقع رئاسة جامعة ابن زهر من كل ما جرى. أين كانت إدارة الجامعة طيلة السنوات التي راجت فيها أخبار الفساد والسلوكيات غير السوية لهذا الأستاذ؟ وما هو دورها في حماية الطلبة من مظاهر الابتزاز واستغلال النفوذ داخل الحرم الجامعي؟ كما يُطرح التساؤل حول مدى نجاعة آليات المراقبة والمحاسبة داخل الجامعة، وما إذا كانت المؤسسة تتحمل مسؤوليتها في ضمان بيئة تعليمية نزيهة وآمنة لجميع الطلبة دون استثناء.
تعليقات