“مغرب تايمز” يرصد حصيلة “4 سنوات” لأداء حكومة أخنوش

في مشهد يعكس مفارقة صارخة، تجد الحكومة المغربية الحالية نفسها عاجزة عن تفسير الفجوة الكبيرة بين خطابها الرسمي المليء بالإنجازات المفترضة، وبين الواقع اليومي الذي يعيشه المواطنون. فبينما تتحدث التقارير الحكومية عن “إنجازات كبرى” و”إصلاحات غير مسبوقة”، يجد المواطن العادي نفسه غارقاً في هموم المعيشة اليومية من ارتفاع الأسعار وندرة الفرص وتراجع الخدمات الأساسية.
تشير أحدث المعطيات الرسمية التي عاينها موقع “مغرب تايمز” منها تقرير المندوبية السامية للتخطيط إلى تدهور مقلق في المؤشرات الاجتماعية. فعدد المغاربة الذين يعيشون تحت خط الفقر قفز بنسبة “188%” خلال ثلاث سنوات فقط، فيما تعيش الغالبية العظمى من الأسر (71.8%) بدخل أقل من المتوسط الوطني.
هذه الأرقام تكشف عن فشل ذريع في السياسات الاجتماعية رغم الشعارات الكبيرة التي رفعتها الحكومة عند توليها المسؤولية.
في سوق العمل، تظهر الصورة أكثر قتامة. فبينما كان من المفترض أن تشهد هذه الحكومة تحسناً في مؤشرات التشغيل، سجلت البطالة أرقاماً قياسية بلغت 13.3% على المستوى الوطني، مع نسب صادمة بين الشباب (36.7%) والنساء (19.4%). والأخطر من ذلك إغلاق أكثر من 50 ألف مقاولة صغيرة ومتوسطة، وهي الشريان الرئيسي للاقتصاد المغربي، بسبب سياسات جبائية غير مدروسة وغياب الدعم الفعلي.
على صعيد الأسعار، تحولت المعاناة اليومية إلى كابوس حقيقي. فارتفاع الأسعار بنسبة 6.1%، مع قفزات في المواد الغذائية الأساسية تجاوزت 11.6%، جعلت القدرة الشرائية للمواطن في أدنى مستوياتها التاريخية. “أصبحت أختار بين شراء الدواء لأطفالي ودفع فاتورة الكهرباء”، تقول سيدة من الطبقة المتوسطة بفاس، في تعبير صادق عن المأزق الذي تعيشه ملايين الأسر.
في القطاع الصحي، تبقى الأرقام صادمة رغم كل الادعاءات. فما زال 3 من كل 10 مغاربة محرومين من أي تغطية صحية، بينما لا يستفيد من التأمين المرتبط بالعمل سوى 29.3% من العاملين. هذه الفجوة الكبيرة بين الخطاب الرسمي والواقع تطرح أسئلة محرجة عن جدوى كل البرامج التي تم الإعلان عنها بضجة إعلامية كبيرة.
أما في مجال الحوار الاجتماعي، فقد تحول إلى مجرد طقوس شكلية بلا مضمون حقيقي. فالاتفاقيات الموقعة مع النقابات لم تنعكس إيجاباً على غالبية العمال، خاصة في القطاع غير المهيكل الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد. “كل ما حصلنا عليه وعود جديدة فوق الوعود القديمة”، يقول عامل بناء في الخمسين من عمره، يعمل منذ 30 سنة دون أي ضمان اجتماعي.
مع اقتراب نهاية العهدة الحكومية، يبدو أن المواطن المغربي قد وضع يده على حقيقة مؤلمة: أن “الدولة الاجتماعية” التي وعدت بها هذه حكومة اخنوش لم تكن سوى شعارات جوفاء، بينما الواقع يشهد تراجعاً في كل المؤشرات الاجتماعية وذلك بشهادة كل التقارير الرسمية كالمندوبية السامية للتخطيط والدولية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: هل ستكون صناديق الاقتراع المقبلة هي المحكمة الشعبية التي ستقاضي هذا الأداء المخيب للآمال؟
تعليقات