التامك يعلن عن تحول جذري في السجون المغربية.. الذكاء الإصطناعي يدخل المعتقلات

في خطوة تعكس تحولاً جذرياً في منظومة العدالة والإصلاح، كشف محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، عن إطلاق سلسلة إجراءات تكنولوجية طموحة تهدف إلى تعزيز الشفافية، وترشيد الموارد، وضمان حقوق النزلاء، وذلك خلال مشاركته في المؤتمر الدوري السابع لجمعيات إدارات السجون الإفريقية، الذي انعقد صباح الاثنين بمنطقة تامسنا تحت شعار “التكنولوجيا في إدارة المؤسسات السجنية بإفريقيا”.
أكد التامك أن الاعتماد على الرقمنة والذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة حتمية لمواكبة التحديات الأمنية والاجتماعية المعاصرة، لاسيما مع تصاعد الجرائم الإلكترونية والعابرة للحدود. وأوضح أن المغرب أدرج الإدارة الإلكترونية ضمن استراتيجيته السجنية، حيث تم تطوير برامج معلوماتية متقدمة تغطي جوانب حيوية مثل إدارة الموارد البشرية، وتتبع الملفات الصحية، وتسهيل الزيارات العائلية، وضبط الشكايات، بل وتمويلات النزلاء أنفسهم.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن المسؤول السجني عن إطلاق مشروع “المدرسة الرقمية” داخل السجون، بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية، إلى جانب استوديوهات متطورة للتعليم عن بعد بشراكة مع جامعات مغربية، ما يمهد الطريق أمام إعادة إدماج فعّالة للنزلاء عبر تأهيلهم أكاديمياً ومهنياً. كما أشاد بالتجربة الرائدة للمحاكمة عن بعد، التي تبنتها وزارة العدل، واصفاً إياها بـ”النقلة النوعية” التي قلصت مخاطر نقل المعتقلين، ورفعت كفاءة المحاكمات، ووفرت وقت القضاة والموارد البشرية.
ولم يفت التامك الإشارة إلى البعد الإفريقي للمؤتمر، داعياً إلى تعزيز التنسيق بين الدول عبر لجان دائمة تعنى بالذكاء الاصطناعي، والاستعلامات السجنية، وحتى البعد البيئي في تدبير المؤسسات العقابية. كما طالب بمراجعة مساهمات الدول الأعضاء، والبحث عن آليات تمويل مبتكرة لضمان استدامة هذه المشاريع.
هذه الرؤية التحديثية، التي تجعل من التكنولوجيا حليفاً للعدالة والإصلاح، تضع المغرب في صدارة النماذج الإفريقية الطموحة، لكنها تطرح في الوقت ذاته تحديات تتعلق بالتكلفة المالية، وحماية البيانات، وضمان إنصاف الفئات الأقل حظاً في الوصول إلى الأدوات الرقمية. فهل ستكون السجون المغربية نموذجاً يُحتذى به إقليمياً؟ الإجابة قد تأتي من نجاح هذه المبادرات في تحقيق التوازن بين الضبط الأمني، واحترام حقوق الإنسان.
تعليقات