صناعة السيارات بالمغرب: مفخرة وطنية أم مرآة للظلم الاجتماعي؟

كشف تقرير دولي صادر عن شركة الاستشارات العالمية “أوليفر وايمان” أن المغرب أصبح من بين الدول الأكثر تنافسية في قطاع صناعة السيارات من حيث تكلفة اليد العاملة لكل مركبة، حيث لا تتجاوز هذه التكلفة 106 دولارات، أي ما يعادل نحو 1000 درهم مغربي.
وبهذا الأداء، يتفوق المغرب على دول صناعية معروفة مثل الصين والمكسيك وتركيا، ويصبح وجهة مفضلة لكبرى شركات تصنيع السيارات، خاصة الفرنسية منها، التي تسعى إلى تقليص كلفة الإنتاج وزيادة هامش الربح، مستفيدة من الأجور المنخفضة في المملكة، ومن موقعها الجغرافي القريب من أوروبا، بالإضافة إلى استقرارها السياسي والبنية التحتية الصناعية المتطورة.
وبحسب التقرير، فإن اليد العاملة تمثل ما بين 65% و70% من إجمالي كلفة التحويل الصناعي، وهو ما يجعل المغرب خيارًا استراتيجيًا في سياق عالمي يتجه نحو تقليل تكاليف الإنتاج.
غير أن هذه المعطيات، ورغم ما تبدو عليه من إيجابية، تفتح الباب أمام تساؤلات مؤرقة للمواطن المغربي حسب العديد من المتتبعين: هل علينا أن نفرح بهذا التقدم الصناعي، أم أن نحزن لما يخفيه من واقع اجتماعي مرير؟
ويضيف المصدر ذاته أنه في الوقت الذي تصدر فيه المغرب السيارات إلى العالم بأسعار تنافسية بفضل “رخص” اليد العاملة، نجد أن المغاربة أنفسهم لا يستطيعون اقتناء هذه السيارات، بسبب ارتفاع أسعارها محليًا، خصوصًا على الطبقة المتوسطة التي أضحت تعاني في ظل السياسات الاجتماعية والاقتصادية لحكومة عزيز أخنوش، والتي وُصفت بالفاشلة في أكثر من مناسبة.
ويتساءل المهتمون بالشأن الحقوقي المغربي: هل من المنطقي أن يُعتبر العامل المغربي الأرخص في العالم، بينما يعيش صعوبات معيشية خانقة؟
هل من العدالة أن يعمل آلاف المغاربة في مصانع السيارات، ويتقاضون أجورًا زهيدة مقارنة بنظرائهم في دول أخرى، في حين تُباع السيارات المصنعة في بلدهم بأسعار تتجاوز قدرتهم الشرائية؟
ويثير هذا التناقض -حسن نفس المصدر- تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الاستثمارات الأجنبية والتنمية الوطنية، إذ تُتهم بعض الشركات متعددة الجنسيات باستغلال اليد العاملة المغربية كمجرد وسيلة لتقليص النفقات، دون أن تنعكس الأرباح المتحققة على تحسين أوضاع العمال أو على أسعار المنتجات محليًا.
تعليقات