آخر الأخبار

تحليل: 7.9 مليار درهم تبخرت في قطاع النقل.. أين ذهبت أموال دعم المحروقات؟

في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على أسعار المحروقات، تظهر بيانات رسمية أن الحكومة المغربية أنفقت ما يقارب 8 مليارات درهم كدعم لقطاع النقل الطرقي منذ أبريل 2022. هذه الأرقام تطرح أسئلة جوهرية حول فعالية هذه السياسة الداعمة ومدى انعكاسها على المواطن العادي.

الوزيرة نادية فتاح العلوي كشفت في رد برلماني عن تفاصيل هذا الدعم، الذي وزع على ثلاث مراحل: 4.4 مليار درهم (2022)، 2.5 مليار (2023)، ومليار درهم (أول 2024). ووفقاً للبيانات الرسمية، فقد استفاد من هذه الأموال حوالي 180 ألف عربة نقل بمختلف أنواعها، من سيارات الأجرة إلى حافلات النقل بين المدن.

من الناحية التقنية، اعتمدت الحكومة نظاماً متقدماً للتوزيع يشمل:

  • منصة رقمية مركزية
  • إشراك البريد بنك لضمان شمولية الاستفادة
  • لجنة مشتركة بين الوزارات للإشراف والمتابعة

لكن رغم هذه الإجراءات التقنية، تشير معطيات ميدانية إلى محدودية تأثير هذا الدعم في تحقيق استقرار فعلي لأسعار النقل. فوفقاً لمراقبين، هناك عدة عوامل تقلل من فعالية هذه السياسة:

  1. استمرار ارتفاع أسعار نقل البضائع بنسبة تتراوح بين 15-20% منذ 2022
  2. محدودية التحسن في جودة خدمات النقل العمومي
  3. تفاوت كبير في استفادة مختلف فئات النقل من الدعم

الخبير الاقتصادي الحسين اليماني عضو المجلس الوطني لحزب فيديرالية اليسار الديمقراطي و الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يكشف لموقع “مغرب تايمز” ان : “المشكلة الأساسية تكمن في أن هذا الدعم يعالج العرض (مشغلي النقل) دون ضمانات كافية لانعكاسه على الطلب (المواطن). هناك حاجة لآليات رقابية أقوى لضمان ترجمة الدعم إلى تخفيض فعلي في الأسعار”.
في المقابل، تؤكد الوزارة أن نسبة تنفيذ الدعم تجاوزت 98%، وأن اللجنة المشتركة تواصل اجتماعاتها الدورية لتحسين الآليات.
لكن يبقى السؤال: لماذا لا تتناسب هذه النسب العالية في التنفيذ مع التأثير الملموس على الأرض؟

الحل قد يكمن في اعتماد مقاربة أكثر شمولية، كما يقترح الخبير اللوجستي كريم العلوي: “بدلاً من التركيز فقط على الدعم المالي، كان الأجدى العمل على تحسين كفاءة القطاع عبر تحديث الأسطول وتطوير البنية التحتية، مما كان سيؤدي إلى خفض التكاليف الهيكلية”.

ويبقى أن الإشكالية الأساسية هي كيفية قياس العائد الحقيقي من هذه الاستثمارات العامة الضخمة، وكيفية ضمان وصول فوائدها للمواطن الذي يتحمل في النهاية تكلفة هذه السياسات عبر الضرائب. هذا ما يتطلب مزيداً من الشفافية والمساءلة في إدارة ملف دعم النقل.

المقال التالي