آخر الأخبار

بوعشرين والمهداوي ولبنى فلاح: عزاء لا احتفال بحرية الصحافة

يُخلّد العالم في الثالث من ماي من كل عام اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي مناسبة لتقييم وضع الإعلام ومكانة الصحافيين في مجتمعاتهم، وتذكير الدول والحكومات بضرورة احترام حرية التعبير كحق أساسي من حقوق الإنسان. لكن في المغرب، تأتي هذه الذكرى على وقع شهادات صادمة وصورة قاتمة يرسمها عدد من الصحافيين البارزين، ممن كان لهم نصيب من المتابعة أو السجن أو التهميش، تعبيرًا عن واقع يصفونه بـ”الأسود” الذي تعرفه الصحافة الحرة في المملكة.

وفي هذا الإطار، استقى موقع مغرب تايمز تصريحات من كل من الصحافي توفيق بوعشرين، والصحافي حميد المهداوي، والصحافية لبنى فلاح، حيث حدثونا عن واقع حرية الصحافة في المغرب، كما يعيشونه من الداخل، ومن موقع المعاناة والملاحقة.

حميد المهداوي: سابقة خطيرة في تاريخ الصحافة

في تصريح خص به مغرب تايمز، وصف الصحافي حميد المهداوي، مدير موقع بديل، واقع حرية الصحافة والإعلام في المغرب بـ”الواقع الأسود”، مؤكداً أن أبرز عنوان لهذا الوضع هو التقرير الأخير الصادر عن مراسلون بلا حدود، الذي اعتبره سابقة تاريخية في تقارير المنظمة.

وأضاف المهداوي: “لأول مرة يتم ذكر اسم رئيس حكومة أو وزير أول بشكل مباشر في هذا التقرير، حيث أشارت المنظمة إلى سيطرته على الإعلام أو قسم واسع منه، وتحدثت عن العلاقة بين المال والسلطة، وكيف تُسخَّر لمتابعة الصحافيين في قضايا كيدية، بل وكيف تم شراء مؤسسات إعلامية معروفة”.

وتابع قائلاً: “إنها سابقة خطيرة في العالم، وتضرب في العمق صورة المغرب الحقوقية، خاصة وأن هذا التقرير يُترجم إلى جميع لغات العالم، ما يعني أن شعوب الأرض كلها تعرف الآن أن هناك رئيس حكومة في شمال إفريقيا أعدم الصحافة من خلال نفوذه المالي”.

لبنى فلاح: أحكام قاسية وتشهير مستمر

من جانبها، قالت الصحافية لبنى فلاح، مديرة نشر موقع الحياة اليومية: “بعد العفو الملكي في 30 يوليوز، كنا ننتظر انفراجاً حقيقياً في مجال حرية الصحافة والتعددية، لكن الواقع أظهر عكس ذلك”.

وأشارت فلاح إلى أن الصحافيين الذين تم الإفراج عنهم، كـتوفيق بوعشرين، عمر الراضي وسليمان الريسوني، تعرضوا لحملات تشهير بشعة، ولم يستعيدوا مؤسساتهم الإعلامية كما كانت قبل اعتقالهم. كما أكدت أن الصحافيين الذين كانوا في الصف الأمامي للدفاع عن زملائهم لم يسلموا بدورهم من المتابعات، مبرزة أنه قد تم الحكم على جريدتها بغرامة 100 مليون سنتيم غيابياً، فيما حُكم على المهداوي بـ150 مليون سنتيم في قضية جنائية، إلى جانب متابعته في ملفات أخرى، منها ما هو متعلق بمجلس الصحافة.

وأضافت: “ما زال هناك من يُتابَع في المغرب بسبب تدويناته أو أفكاره وآرائه، كالنقيب محمد زيان ورضا الطوجني، دون أن ننسى الصحافي يونس أفطيط مدير نشر موقع بلادنا، الذي حكم عليه مؤخراً بالحبس غير النافذ، في حين ما تزال قضية حراك الريف مفتوحة دون حلول”.

وختمت تصريحها بالقول: “إن واقع حرية الصحافة في المغرب يُختزل في هذه المحاكمات والمتابعات، ويمكن وصفه بواقع أسود، لا يحمل أي بوادر للانفراج، وهو ما أكده أيضاً تقرير مراسلون بلا حدود الذي أشار إلى القضاء على التعددية الإعلامية وسيطرة الحكومة على المقاولات الصحفية”.

توفيق بوعشرين: الصحافة أصبحت جثة هامدة

بدوره، عبّر الصحافي توفيق بوعشرين، عن حزنه العميق لما آل إليه حال الصحافة في المغرب، قائلاً: “نحن لا نحتفل هنا باليوم العالمي لحرية الصحافة، بل نتقبل التعازي في وفاة صاحبة الجلالة”.

وأضاف بوعشرين: “الصحافة تحتاج إلى الحرية كما يحتاج السمك إلى الماء. هذه الحرية شُيِّعت إلى مثواها الأخير منذ أن بدأت الدول تحاور الصحافيين في قاعات المحاكم والزنازين، بدل منابر الحوار والنقاش”.

وأكد أن كل ما يمكن فعله اليوم هو “إطلاق صرخة ضمير”، تندد بالوضع الكارثي للصحافة في المغرب، حيث لم تعد حرية التعبير مكفولة، وأصبحت الصحافة مشروعا ميتاً وسط آلة الخوف، والتشهير، والرقابة الذاتية، مشيراً إلى أن عدداً من الصحافيين والنشطاء الحقوقيين ممنوعون من السفر، أو مهددون بالسجن، أو محرومون من بطاقة الصحافة، في وقت تتكاثر فيه وسائل الإعلام المضللة.

وأنهى بوعشرين تصريحه قائلاً: “حرية الصحافة ليست ترفاً، بل شرط أساسي لأي عدالة أو ديمقراطية أو تنمية. وإذا فقدناها، فقدنا أمل المجتمع في مستقبل أفضل. الصحافة ليست بضاعة بل هي رسالة، تحدد من نحن وإلى أين نمضي. فكيف نطمح لتنظيم كأس العالم بمعايير دولية بصحافة معطوبة من القرون الوسطى؟”.

المقال التالي