آخر الأخبار

الجزائر في عزلة متزايدة بعد خلاف جديد مع الإمارات

تشهد الساحة الإعلامية توتراً جديداً بين الجزائر ودولة الإمارات العربية المتحدة، بعد عرض قناة إماراتية برنامجاً حوارياً تناول الشأن الجزائري من زاوية تاريخية، باستضافة مؤرخ جزائري معروف، في خطوة تهدف إلى طرح الموضوع بموضوعية ومن منطلق أكاديمي. غير أن الجزائر، التي فقدت بوصلة التوازن في مواقفها الخارجية، سارعت إلى الرد بهجوم عنيف وغير مبرر.

البرنامج، الذي نُشر على إحدى القنوات الإماراتية، تطرق إلى قضية أمازيغية تاريخية ضمن سياق تحليل تطورات الهوية الوطنية في شمال إفريقيا، مستعيناً بصوت جزائري أكاديمي لتفادي أي اتهام بالتدخل الأجنبي أو الانحياز. إلا أن السلطات الجزائرية رأت في هذا النقاش محاولة “لزرع الفتنة” و”تقسيم الشعب”، وهو ما يكشف حساسية مفرطة تجاه أي نقاش لا يُدار من داخل النظام، حتى وإن كان علمياً.

رد الفعل الجزائري جاء سريعاً من خلال التلفزيون الرسمي، حيث استُخدم خطاب هجومي حاد، وصف القناة بـ”الدنيئة”، ووجّه اتهامات سياسية مباشرة للإمارات، متجاوزاً الأعراف الدبلوماسية والإعلامية، في تعبير جديد عن سياسة عدائية أصبحت السمة الأبرز للدبلوماسية الجزائرية في السنوات الأخيرة.

الجزائر، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع عدد كبير من الدول، باتت تغرد خارج السرب. فقد بدأت بقطع علاقاتها مع المغرب، ثم دخلت في توتر مع فرنسا وإسبانيا بعد اعترافهما بمغربية الصحراء، وابتعدت عن الولايات المتحدة لنفس السبب، قبل أن تمتد أزمتها إلى دول الساحل الإفريقي كمالي والنيجر وبوركينا فاسو، وأغلب الدول التي أعلنت دعمها للمقترح المغربي في الصحراء.

هذا النهج الانعزالي يؤشر على أزمة عميقة داخل النظام الجزائري، الذي بات يتبنى سياسة صدامية بدل الحوار، ويهاجم في جميع الاتجاهات بمبررات واهية، ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل حكم المؤسسة العسكرية في البلاد. فالدول لا يمكن أن تعيش في عزلة، خصوصاً في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة، ولا يمكنها الاستمرار دون تحالفات متينة مع قوى إقليمية ودولية.

الرد الجزائري العنيف على برنامج إعلامي يطرح أسئلة علمية وتاريخية، يؤكد أن النظام لم يعد يحتمل أي صوت خارجي، حتى وإن كان من داخل النخبة الأكاديمية الجزائرية نفسها، وهو ما يعكس حجم التوتر والارتباك الذي بات يطبع السياسة الخارجية للجزائر في المرحلة الحالية.

المقال التالي