أسوشيتد بريس: قرار الجزائر بـ التعبئة العامة يُخلف قلقا لدى الجزائريين

أثارت وكالة الأنباء العالمية “أسوشيتد بريس” جدلاً واسعًا حول مشروع قانون “التعبئة العامة” الذي اقترحته الحكومة الجزائرية، معتبرة أنه يثير قلقًا كبيرًا بين المواطنين، خاصة في ظل تصاعد التوتر مع مالي واحتمالات انزلاق الأوضاع إلى مواجهة عسكرية مباشرة. يأتي ذلك بالإضافة إلى الأزمات الدبلوماسية المتنامية بين الجزائر والمغرب وفرنسا، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
وذكرت “أسوشيتد برس” أن الحكومة الجزائرية صادقت هذا الشهر على مشروع قانون يهدف إلى تنظيم وتبسيط إجراءات التعبئة العسكرية الشاملة، ومن المرتقب أن يقدم وزير العدل تفاصيله في جلسة رسمية. تزامن هذا مع تحركات مكثفة لرئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، نحو المناطق الحدودية، حيث يشرف على مناورات عسكرية تعكس مدى استعداد الجزائر لأي تطورات محتملة.
وبحسب الوثيقة التي اطلعت عليها الوكالة الأمريكية، فإن مشروع القانون يسعى إلى تحديد الأحكام المتعلقة بتنظيم وتنفيذ التعبئة العامة، وفقًا للمادة 99 من الدستور الجزائري، والتي تسمح للسلطات باستدعاء جميع القوى الوطنية حال وقوع أزمة كبرى. القرار جاء في أعقاب إعلان الجيش الجزائري إسقاط طائرة مسيّرة قرب الحدود مع مالي مطلع الشهر الجاري، في حادثة غير مسبوقة بين البلدين، مما يزيد المخاوف من حدوث مواجهة عسكرية مفتوحة في منطقة الساحل والصحراء.
مشروع القانون خلف موجة من القلق داخل الجزائر، حيث عبّرت معلمة متقاعدة تُدعى عزيزة سحوي، عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن حيرتها بشأن دوافع هذا القانون، مشيرة إلى ارتباطه بالحادث الجوي الأخير مع مالي. الأزمة مع مالي ليست الوحيدة التي تواجهها الجزائر، إذ تتداخل مع توتر دبلوماسي طويل الأمد مع فرنسا، والذي تفاقم بعد إعلان باريس دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء.
وأصدر “مجموعة الأزمات الدولية” تقريرًا حذر من احتمالية تطور التوتر بين الجزائر ومالي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، خاصة في ظل غياب التنسيق الأمني بين البلدين واستمرار استخدام الطائرات المسيّرة في العمليات العسكرية شمال مالي. التقرير سلط الضوء على أن الجزائر فقدت فرصة استراتيجية لتعزيز نفوذها في الساحل بعد انسحاب القوات الفرنسية من عملية برخان في نونبر 2022، إذ فضلت مالي تعزيز تحالفها العسكري مع روسيا بدل التعاون مع الجزائر كشريك أمني رئيسي.
التقرير أشار أيضًا إلى قلق الجزائر من تدفقات اللاجئين وتصاعد نفوذ دول إقليمية جديدة مثل تركيا وإيران والمغرب، حيث شهدت الرباط وباماكو تقاربًا أمنيًا لافتًا تُوّج بعقد أول اجتماع للجنة العسكرية المشتركة بين البلدين في فبراير 2025. كما نبّه التقرير إلى أن استمرار استخدام المسيّرات من طرف القوات المالية قد يؤدي إلى انتهاكات حدودية، مثل ما حدث في يوليوز 2024 عندما تسببت غارات نُسبت للجيش المالي في مقتل مدنيين من النيجر وتشاد والسودان.
القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي تُقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي في شمال مالي، خاصة بعد انسحاب باماكو من مسار اتفاق الجزائر، مما قد يدفع فصائل الطوارق إلى التشدد أو التحالف مع جماعات متطرفة. التقرير أكد أن هذه الأزمة ليست منفصلة، بل تأتي في سياق توتر إقليمي متزايد بسبب انسحاب دول AES من منظمة الإيكواس وتصاعد الخلاف بين الجزائر والمغرب، مما قد يسهم في تعزيز أنشطة الجماعات المسلحة التي تستغل الفراغ الأمني.
واقترح التقرير عدة مسارات لتفادي التصعيد، من بينها العودة إلى الحوار الدبلوماسي وتفعيل وساطة إفريقية محايدة، مثل تعيين الرئيس الغاني السابق جون ماهاما كوسيط أو إشراك جنوب إفريقيا في جهود تهدئة التوتر. كما دعا إلى إحياء اللجنة المالية الجزائرية المشتركة التي أُنشئت سنة 2005 لتبادل المعلومات الأمنية ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى تعزيز التعاون مع القوى الدولية مثل روسيا لضمان الاستقرار ومنع انزلاق المنطقة إلى فوضى أمنية.
تعليقات