قيادات البيجيدي تلزم الصمت أمام تصريحات بنكيران: تواطؤ أم تجاهل؟

اتهم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اليوم الخميس، النقابات بـ”الاتجار بالعمال”، مشددًا على أن “الدولة الصهيونية تخلو من الإنسانية”، معتبرًا أن الذين يدافعون عنها في المغرب “لا يفعلون ذلك إلا من أجل المال”، في وقت أكد فيه أن المغاربة “مناصرون للقضية الفلسطينية”.
وفي مهرجان خطابي نظمه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمناسبة فاتح ماي، قال بنكيران إن “جل النقابات تتلقى الأموال وتتاجر بحقوق العمال”، مضيفًا أن “النقابات الأخرى، إلا من رحم ربك، يتاجرون فيكم ويخوفونكم من السلطة والطرد، والخوف يؤدي إلى هضم الحقوق”.
وهاجم بنكيران الاتحاد المغربي للشغل ورئيسه ميلودي موخاريق، معتبرًا أن هناك تفاهمًا بين النقابات والحكومة، حيث تُمنح أموال للنقابيين مقابل عدم اتخاذ مواقف جدية، فيما دعا إلى رفع أجور العمال البسطاء، وعلى رأسهم عمال النظافة.
وفي سياق حديثه عن القضية الفلسطينية، شدد بنكيران على أن المغرب كان يشهد إجماعًا حول دعم فلسطين، لكنه استنكر تغير المواقف لدى بعض الجهات السياسية والإعلامية التي تروج لفكرة “تازة قبل غزة”، مؤكدًا أن “الدولة الصهيونية لا إنسانية فيها”، وأن المدافعين عنها في المغرب يفعلون ذلك لدوافع مالية، واصفًا الأموال التي يحصلون عليها بأنها لا تختلف عن أموال الدعارة. كما قال إن “لو فُتح باب الذهاب للقتال في فلسطين، فلن يتوقف سيل المغاربة”.
وفي ظل الجدل المثار، دعا بنكيران الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الاعتراف بفلسطين قبل مغادرة منصبه، واصفًا إياه بالمذلول.
بالتزامن مع هذه التصريحات، لزمت قيادات حزب العدالة والتنمية الصمت، ولم يصدر أي تعليق رسمي حول تصريحات بنكيران، رغم أنها تضمنت عبارات أثارت استياءً واسعًا، لا سيما وصفه لبعض المغاربة الذين يضعون قضاياهم الوطنية قبل القضية الفلسطينية بـ”الحمير” و”الميكروبات”.
ورغم غياب أي موقف رسمي من قيادات الحزب، اجتاحت الكتائب الإلكترونية للعدالة والتنمية مواقع التواصل الاجتماعي، معبرة عن دعمها لتصريحات بنكيران، فيما هاجمت كل من انتقده.
المفكر أحمد عصيد اعتبر أن اختيار بنكيران زعيمًا للحزب يعكس مستوى قيادته، قائلًا: “كثير من الناس استاؤوا من خطاب رئيس حزب العدالة والتنمية، الذي وصف غيره ب”الميكروبات” و”الحمير”، إلا أن الذين انتخبوه رئيسًا للحزب يقصدون ذلك”.
وأضاف عصيد: “هؤلاء كانوا بحاجة إلى زعيم يشتم الناس بدون تحفظ أو مبادئ أخلاقية، وهذا يدل على مستوى الحزب ككل، ومستوى قيادته، إذا اعتبرنا أنهم اختاروا “أفضلهم” ليكون على رأسهم”.
أما لحسن أمقران، الأكاديمي والباحث في الدراسات الأمازيغية، فقد وصف خطاب بنكيران بالعدواني وغير اللائق، مشيرًا إلى أن “بنكيران أصر على وصف من يختلفون معه في فهمه للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بـ”الحمار”، كررها مرات عدة وزعم أن الحمار يرفض أن يقارن بهؤلاء”.
وتابع أمقران: “بنكيران دعا الحمير إلى إعادة قراءة التاريخ، وهو يشبه وضع اليوم بالمماليك الأندلسية، وهنا نتساءل عن المعني بالوصف المذكور وإلى من يوجه رسالته، هل للمواطن العادي أم للدولة ومسؤوليها؟”.
وأضاف أمقران أن بنكيران ادعى وجود “احتكاكات” بين المغاربة، مسلمين ويهود، وهو ادعاء غير موثّق يحتاج إلى دليل. وأوضح أن بنكيران زعم أن اليهود جاؤوا من الأندلس قبل 14 قرنًا، بينما الحقيقة التاريخية تُشير إلى أن اليهود كانوا موجودين على هذه الأرض قبل ذلك بقرون طويلة، ووجودهم لم يكن مرتبطًا فقط بمرحلة الموريسكيين.
وأشار أمقران إلى أن “شطحات بنكيران وغيره من الساسة المغاربة يجب أن تتوقف أو أن تُوقَف، فبينما يُفترض أن يكون الخطاب السياسي براغماتيًا، لا ينبغي أن يُبنى على ادعاءات باطلة وأكاذيب تحريضية، وهو أمر غير مقبول يتطلب التعاطي معه شعبيًا ورسميا”.
في ظل هذا الوضع، يبقى حزب العدالة والتنمية أمام تحدي التعامل مع هذا الجدل، وسط مطالب بتوضيح موقفه من التصريحات الصادرة عن أمينه العام.
تعليقات