آخر الأخبار

فاتح ماي.. الإحتفال بذكرى “موت” العمل النقابي في المغرب

يحل فاتح ماي هذه السنة وسط أزمة خانقة يعيشها العمل النقابي في المغرب، حيث لم تعد النقابات قادرة على التفاعل مع القضايا الكبرى للطبقة العاملة. بل غدت أشبه بالهياكل المهترئة، كرئيس أكبر نقابة عمالية في المغرب، التي لا تقدم سوى خطابات مكررة دون أثر فعلي. العمل النقابي، الذي كان في الماضي رمزًا للضغط الاجتماعي والسياسي، أصبح اليوم أداة مشلولة، لا تستطيع التصدي لقرارات مجحفة كقانون الإضراب الجديد (95.17)، الذي جاء ليكبّل يد العمال ويضع مزيدًا من القيود على أحد أهم حقوقهم الأساسية وهي الإضراب نفسه.

النقابات المغربية تعاني من انقسامات قاتلة وهياكل مترهلة، جعلتها رهينة للصراعات الداخلية والحسابات السياسية الضيقة، فبدلًا من توحيد صفوفها، انشغلت القيادات النقابية بمصالح شخصية، تاركة العمال في مواجهة مباشرة مع قرارات حكومية تتجاهل مطالبهم. الإضرابات التي تُعلن بين الحين والآخر تفتقد إلى التأثير، ليس فقط بسبب القيود القانونية، بل نتيجة ضعف التنسيق بين النقابات نفسها، التي باتت عاجزة عن حشد تأييد واسع بين العمال.

قانون الإضراب الجديد يُعتبر النقطة الفاصلة التي كشفت “عوروة” النقابات بشكل صارخ. فبينما يتطلب القانون الالتزام بإجراءات طويلة ومعقدة قبل اللجوء إلى الإضراب، تختار النقابات الاكتفاء بالبيانات الخجولة بدلًا من التصعيد الحقيقي. العمال، الذين يُفترض أن يكونوا شركاء في الحركات الاحتجاجية، باتوا أكثر ابتعادًا عن العمل النقابي، بعدما أدركوا أن هذه التنظيمات لم تعد تخدم مصالحهم بقدر ما تحمي مصالح قياداتها المرتبطة بأجندات حزبية وسلطوية.

فاتح ماي، الذي يُفترض أن يكون يومًا للتعبير عن قوة الطبقة العاملة، تحول إلى مناسبة تكشف عن ضعف النقابات وعدم قدرتها على مواجهة تحديات المرحلة. العمال في المغرب اليوم أكثر احتياجًا إلى حركة نقابية حقيقية، قادرة على الدفاع عن حقوقهم بقوة واستقلالية، بعيدًا عن الحسابات السياسية أو التوظيف الحزبي.

الإصلاح المطلوب للنقابات ليس مجرد هيكلة داخلية، بل إعادة بناء الثقة التي فُقدت بينها وبين العمال. دون هذه الخطوة، سيبقى فاتح ماي مجرد يوم احتفالي فارغ، حيث تُرفع الشعارات وتنخفض الآمال، بينما تستمر الطبقة العاملة في فقدان مكاسبها أمام قرارات تُمرر بلا مقاومة تُذكر.

المقال التالي