آخر الأخبار

“صفعة” جديدة لوهبي..مؤسسات دستورية “تنتفض” في وجه مشروع قانون المسطرة الجنائية

يتواصل الجدل داخل البرلمان المغربي حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، وسط تمسك الحكومة بصيغته الحالية واعتراض واسع من المعارضة والمؤسسات الدستورية والجمعيات الحقوقية. بينما تُدافع الحكومة عن المشروع باعتباره أداة لحماية المسؤولين من الاتهامات الكاذبة، ترى المعارضة أنه يقيد جهود المجتمع المدني في مكافحة الفساد ويهدد الشفافية والمحاسبة.

الحكومة، ممثلة في وزير العدل عبد اللطيف وهبي، تعتبر أن النصوص المقترحة تُعيد الاعتبار للعمل السياسي، حيث صرّح الوزير خلال جلسة مناقشة المشروع أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان أنه لن يقبل أي تعديل. وأشار إلى أن الشكايات المتعلقة بالفساد غالبًا ما تتحول إلى محاكمات إعلامية موازية قبل صدور أي حكم قضائي. كما أثار الجدل باقتراح منح رؤساء الجماعات الترابية حق الامتياز القضائي، معتبرًا ذلك ضمانًا لحمايتهم من الاتهامات العشوائية التي قد تُهدد حياتهم السياسية والاجتماعية.

في المقابل ربط الإتصال موقع “مغرب تايمز” بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لمعرفة رأيها في مشروع قانون المسطرة الجنائية، هذه الاخيرة شددة على ضرورة أن يُراعي النص قواعد مكافحة الفساد وعدم الإفلات من العقاب، ابتداءً من مراحل التبليغ وصولًا إلى التحقيق. وأكدت الهيئة أن التعديلات المطلوبة يجب أن تُعزز دور المؤسسات في تفعيل النصوص الجنائية وتحريك آليات إنفاذ القانون، مشيرة إلى الحاجة إلى موازنة دقيقة بين الحقوق والتشريعات لضمان العدالة.

على المستوى المؤسساتي، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى الإبقاء على حق التبليغ عن الجرائم المالية والإدارية، مع تحصين هذا الحق ضد الاستغلال السيء. وأكد رئيس المجلس عبد القادر عمارة أن الإصلاح الشامل لقانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي يتطلب توفير موارد مالية ولوجستية ضرورية لضمان نجاح هذا التنزيل.

من جانبه اوضح النقيب عبد الرحيم الجامعي في تصريحات عاينها موقع “مغرب تايمز” ان المشروع يُغلب الخلفية الأمنية على الحقوقية، حيث يمنح سلطات واسعة للضابطة القضائية وقاضي التحقيق والنيابة العامة، ما يُهدد بمزيد من الاعتقالات الاحتياطية دون مبررات واضحة. كما شدد على ضرورة تعميم الحق في الصمت، الذي يجب أن يُعتبر جزءًا من ضمانات المحاكمة العادلة وليس مؤشرًا على الاعتراف بالذنب.

الجمعيات الحقوقية، من جانبها، أثارت مخاوف بشأن المادة 1-41 من المشروع، حيث حذرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة من تأثير هذه المادة على حقوق النساء في الإنصاف القضائي والحماية من العنف، داعية إلى تعديل النص بما يتماشى مع قانون محاربة العنف ضد النساء.

يُظهر الجدل حول مشروع قانون المسطرة الجنائية صراعًا عميقًا بين توجه حكومي يهدف إلى ضبط السلوك السياسي، ومطالب مجتمعية ومؤسساتية بتعزيز النزاهة واحترام حقوق الإنسان. ومع استمرار النقاشات داخل البرلمان، تظل التساؤلات قائمة حول مدى استجابة الحكومة لضغوط المعارضة والمؤسسات الدستورية، وما إذا كان المشروع سيمرّ بصيغته الحالية أم أنه سيخضع لتعديلات تُلبي تطلعات المجتمع المدني. النتائج ستكشف عن تأثير هذه النصوص على العلاقة بين السياسة والعدالة في المغرب.

المقال التالي