المغرب يسرّع خطواته لربط مدينة الداخلة بأنبوب الغاز “الإفريقي الأطلسي”

كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن وزارتها منكبة حاليًا على إنهاء المراحل الأخيرة لإطلاق طلب إبداء الاهتمام لتطوير البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال ونقله عبر شبكة أنبوب الغاز، ليصل إلى ميناء الداخلة، بهدف ربطه بأنبوب الغاز نيجيريا-المغرب.
وخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أوضحت الوزيرة أن طلب إبداء الاهتمام موجه للمستثمرين لتزويد ميناء الناظور “West Med” بوحدة عائمة لتخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة التغويز (FSRU)، إلى جانب تطوير أنبوب الغاز الذي سيربط ميناء الناظور بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، ويمتد إلى المنطقة الصناعية بالقنيطرة وصولًا إلى المحمدية، ثم إلى الداخلة، ما يجعل هذه المرحلة مفصلية في تطوير البنية التحتية الخاصة باستيراد الغاز الطبيعي المسال ونقله عبر الشبكة.
وأكدت بنعلي أن مشروع “أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي”، الذي أصبح يحمل هذا الاسم عوضًا عن “أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب”، يُعدّ خطوة استراتيجية لتعزيز التنمية الاقتصادية الإقليمية، وتحفيز قطاع الصناعة، وتسريع برامج الولوج إلى الشبكة الكهربائية، كما أنه يشكل رافعة لخلق فرص الشغل وتعزيز التكامل الاقتصادي لدول غرب إفريقيا، مما يرسّخ مكانة المغرب كممر طاقي فريد يربط بين أوروبا وأفريقيا وحوض الأطلسي.
وأوضحت الوزيرة أن الأنبوب سيمتد على مسافة 6800 كلم، منها 5100 كلم عبر المجال البحري، وبسعة نقل تصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي، مع غلاف استثماري إجمالي يُقدّر بـ25 مليار دولار أمريكي، مشيرة إلى أن المشروع سيساهم أيضًا في تهيئة المنطقة لاقتصاد الهيدروجين الأخضر، باعتباره أحد التوجهات المستقبلية في قطاع الطاقة.
وأضافت أن الوزارة شاركت على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2024 في اجتماعات مكثفة نظمتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “CEDEAO”، بحضور خبراء وممثلين من الدول التي سيمر عبرها خط الأنبوب، وذلك لمناقشة الاتفاق الحكومي بين الدول الأعضاء (IGA) واتفاقية البلد المضيف (HGA) المرافقة لهما.
وتُوجت هذه الاجتماعات بانعقاد لقاء وزاري لدول CEDEAO والمغرب وموريتانيا يوم فاتح نوفمبر 2024، حيث صادق وزراء هذه الدول رسميًا على الاتفاقيات المذكورة، وهو ما يشكل محطة حاسمة في مسار تنفيذ المشروع الاستراتيجي.
وأكدت بنعلي أن تطوير أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي سيتم عبر ثلاث مراحل، تشمل الأولى خطين: الأول بين غانا وساحل العاج، والثاني يربط السنغال بموريتانيا والمغرب عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي (GME). أما المرحلة الثانية، فستمتد بين نيجيريا وغانا، بينما تربط المرحلة الثالثة بين ساحل العاج والسنغال.
وكشفت أن المشروع قطع أشواطًا كبيرة في عمليات تطويره، حيث تم الانتهاء من دراسات الجدوى والدراسات التصميمية الهندسية (Les études FEED)، كما تم تحديد المسار الأمثل لخط الأنبوب الذي سيرتبط بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي (GME)، بالتوازي مع استمرار الدراسات الميدانية الخاصة بتقييم الأثر البيئي والاجتماعي وفق البرمجة المحددة له.
وأضافت الوزيرة أنه يجري حاليًا العمل على إنشاء شركة ذات غرض خاص (SPV) بين المغرب ونيجيريا، ستكون مسؤولة عن الإشراف على الدراسات التقنية اللازمة لضمان توفر جميع الشروط التقنية والقانونية لتفعيل المشروع، وذلك تمهيدًا لإطلاق “شركات المشروع”، التي ستتولى مهام التصميم والتنفيذ الفعلي لمختلف مراحله.
ويؤكد هذا المشروع الطموح التزام المغرب بتطوير بنيته التحتية الطاقية وتعزيز دوره كمركز استراتيجي للطاقة في المنطقة، مما سيسهم في تحقيق تحول نوعي في مجال إمدادات الغاز وتعزيز التنمية الاقتصادية للدول الإفريقية.
تعليقات