السلطات الجزائرية تراجع موقفها من “الماك” وتسعى لتسوية سياسية مع فرحات مهني

كشفت مصادر مطلعة عن وجود اتصالات غير مباشرة بين السلطات الجزائرية وزعيم حركة “الماك” فرحات مهني، تهدف إلى مناقشة إمكانية منح منطقة القبائل حُكماً ذاتياً ضمن السيادة الجزائرية. ويأتي هذا التوجه في ظل عزلة سياسية متزايدة تعيشها الجزائر داخلياً وإقليمياً، خاصة بعد إخفاقها في فرض أطروحتها الانفصالية عبر دعم جبهة البوليساريو، مقابل اتساع التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.
ويُعد هذا التطور تحولاً لافتاً في الموقف الرسمي الجزائري، الذي كان قد صنّف “الماك” كمنظمة إرهابية، وفرض قيوداً مشددة على أنشطتها بموجب المادة 78 مكرر من القانون الجنائي، في سياق قمع المعارضة والتضييق على الحركات الأمازيغية. كما أن ملف منطقة القبائل يمثل نقطة توتر دائم في العلاقات بين الجزائر وبعض العواصم الأوروبية، خصوصاً باريس.
وكان فرحات مهني قد أسّس حركة تقرير مصير القبائل عام 2002 في فرنسا، وأعلن لاحقاً عن تشكيل حكومة منفى، ونصّب نفسه رئيساً لكيان قبائلي، مؤكدًا مراراً عدم اعتباره جزءاً من الدولة الجزائرية، ما أدى إلى سحب جنسيته من قبل السلطات.
وتقول الحركة إنها تمثل الأقلية الأمازيغية في البلاد، وتتهم النظام بالتهميش وحرمانها من حقوقها الثقافية والسياسية، معتبرة أن الانفصال هو الحل لضمان تلك الحقوق.
وبحسب مصادر قريبة من دوائر القرار، فإن وسطاء غير رسميين كُلّفوا خلال الأشهر الأخيرة بفتح قنوات التواصل مع مهني، في محاولة لإيجاد مخرج سياسي للقضية. وتشمل المفاوضات المقترحة إنشاء نظام مؤسسي لمنطقة القبائل، يتضمن برلماناً محلياً، إدارة ذاتية، واعتماد اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، بالإضافة إلى تسيير الشؤون الاقتصادية محلياً، خاصة في مجالات الغابات والصناعات التقليدية والسياحة.
من جانبه، وضع مهني جملة من الشروط الأساسية لبدء أي حوار، أبرزها إشراف وساطة دولية محايدة، رفع الحظر عن الحركة، الإفراج عن السجناء السياسيين، والاعتراف بالتعددية الثقافية الأمازيغية داخل الجزائر.
تعليقات