مشروع قانون “المسطرة الجنائية” يثير الجدل داخل البرلمان والمؤسسات الحقوقية

تلقى مجلس النواب رأيًا من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بالإضافة إلى مذكرة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول مشروع قانون رقم 03.23 الذي يهدف إلى تغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية. ومن المنتظر أن يحيل مكتب مجلس النواب الرأي والمذكرة إلى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لتدارس مشروع القانون الذي أثار موجة من الانتقادات.
المشروع يواجه معارضة من مؤسسات دستورية وجمعيات مدنية، خصوصًا ما يتعلق بتعديل المادة 3 التي تقيد تحريك المتابعة القضائية في حق مختلسي المال العام.
أشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في رأيه حول المشروع، إلى أن الصيغة الحالية تثير إشكالات دستورية وقانونية، حيث تتعارض مع التزامات المغرب الدولية في مجال مكافحة الفساد وتعزيز الحكامة الجيدة. وأضاف المجلس أن تقييد صلاحيات النيابة العامة وربط تحريك الدعوى العمومية بتقارير إدارية يفرغ دور العدالة الجنائية من جوهرها الوقائي والزجري، كما يتنافى مع الفلسفة العامة للقانون الجنائي الذي يلزم بالتبليغ عن الجرائم ويعاقب على الوشاية الكاذبة.
من جهته، دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى مراجعة النصوص القانونية لضمان احترام حقوق الإنسان وحماية المشتبه فيهم من التعسف والانتهاكات. وسجل المجلس أن المشروع يمنح سلطة تقديرية واسعة لضباط الشرطة القضائية في وضع الأشخاص تحت الحراسة، مما يستدعي تعزيز دور النيابة العامة لمراقبة هذه الإجراءات. كما اقترح تقليص مدة الوضع تحت الحراسة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة، وتوفير ضمانات إضافية للمشتبه فيهم، مثل إمكانية الاتصال بالمحامي مرتين وتقليص مدة تأجيل الاتصال في قضايا حساسة.
وعلى الجانب المدني، حذرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة من المخاطر التي يمكن أن تهدد حقوق النساء في حال المصادقة على المادة 1-41 بصيغتها الحالية. الجمعية أبدت قلقها من تأثير هذه المادة على حق النساء في الإنصاف القضائي وحمايتهن من العنف، داعية إلى تعديل النص لضمان توافقه مع القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
هذا النقاش يعكس تعقيدات ملف مشروع قانون المسطرة الجنائية، في ظل مطالب بتعزيز الشفافية واحترام حقوق الإنسان، مع الأخذ بعين الاعتبار التزامات المغرب الدولية في مجال مكافحة الفساد وضمان المساواة بين الجنسين.
تعليقات