رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك ل“مغرب تايمز”: المستفيد الأول من غلاء أسعار المحروقات هو “أخنوش”

في ظل الانخفاض الكبير المسجل في الأسواق العالمية لأسعار البترول خلال الأسابيع الأخيرة، وهو انخفاض وصفه الخبراء والمختصون بأنه غير مسبوق منذ أكثر من أربع سنوات. يترقب المستهلكون المغاربة انعكاسًا حقيقيًا لهذا التراجع على الأسعار المحلية، وسط توقعات بعودة أسعار الكازوال إلى ما دون 10 دراهم للتر الواحد.
غير أن المعطيات الأخيرة التي حصلت عليها “مغرب تايمز” من مصادرها الخاصة تشير إلى أن التخفيضات المنتظرة ابتداءً من 16 أبريل 2025 ستكون محدودة للغاية ولن تتجاوز 20 سنتيمًا لكل لتر من الغازوال والبنزين الممتاز، وهو ما خيّب آمال المستهلكين الذين كانوا يترقبون انخفاضًا ملموسًا.
وفي هذا السياق، عبّرت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك عن استغرابها من استمرار ارتفاع أسعار المحروقات في السوق الوطنية رغم انخفاضها دوليًا. وفي بلاغ رسمي لها توصل به “مغرب تايمز”، أكدت الجامعة أن المستهلك المغربي لم يعد يفهم القواعد التي تحكم سوق المحروقات بالبلاد، حيث يتقبل ارتفاع الأسعار عندما ترتفع عالميًا لكنه لا يستوعب استمرار الغلاء عندما تتراجع الأسعار على المستوى الدولي.
وفي تصريح أدلى به لموقع “مغرب تايمز”، أكد رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، بوعزة الخراطي، أن أزمة المحروقات في المغرب ليست جديدة، بل تعود إلى قرارات حكومة العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بن كيران، التي قامت بتحرير قطاع المحروقات بشكل كامل دون وضع آليات رقابية فعالة، وهو ما جعل القطاع يتحول إلى مجال غير منظم تتحكم فيه الشركات دون تدخل حكومي حقيقي لضبط الأسعار.
وأضاف الخراطي أن أسعار النفط عالميًا انخفضت إلى 59 دولارًا للبرميل، ومع ذلك لم تنعكس هذه التراجعات على السوق المغربية، حيث ظلت الأسعار مستقرة دون تغيير يذكر، وإن حدث انخفاض فإنه يكون طفيفًا جدًا وغير مؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار إلى أن بعض الشركات تعلل هذا الغلاء بارتفاع تكلفة استيراد النفط الخام مقارنة بالمحروقات المكررة، إلا أنه شدد على أن قاعدة العرض والطلب يجب أن تفرض انخفاضًا في الأسعار، بما ينسجم مع السوق العالمية. واعتبر أن الحكومة هي المستفيد الأكبر من الوضع الحالي، حيث تحقق مداخيل كبيرة من الضرائب المفروضة على المحروقات، والتي تصل إلى 42% من قيمتها، مما يجعلها غير متحمسة لتغيير هذا الوضع.
وفيما يتعلق بالحلول الممكنة لمعالجة هذه الإشكالية، اقترح الخراطي مجموعة من التدابير، أبرزها التطبيق الصارم لقانون حرية الأسعار والمنافسة لضمان حماية المستهلك من الاحتكار، وضمان شفافية سوق المحروقات، والاحتكام إلى الأسعار الدولية لتحديد الأسعار المحلية، فضلًا عن وضع سياسات عمومية هادفة إلى تحقيق الأمن الطاقي وتحسين الإطار القانوني والمؤسسي لقطاع المحروقات لتعزيز الحكامة الجيدة ومحاربة الممارسات التجارية غير المشروعة.
وفي السياق ذاته، أكدت الجامعة الوطنية لحماية المستهلك وهيئات أخرى مثل النقابة الوطنية للبترول والغاز على ضرورة الالتزام بتطبيق قانون المنافسة وشفافية السوق، وضمان حماية المستهلك من المضاربات غير المشروعة والاحتكار الذي يؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للمغاربة. هذه المطالب تأتي وسط دعوات متزايدة للحكومة إلى التدخل الفوري لضبط أسعار المحروقات وضمان العدالة السعرية وفقًا للمعايير الدولية.
في ظل هذا الوضع، يبقى السؤال: هل ستستجيب الحكومة لهذه الدعوات أم سيستمر الغلاء في ظل غياب إجراءات حقيقية لضبط السوق؟
تعليقات