“فراقشية” اللحوم ربحوا ”40 درهماً للكيلو” والحكومة مطالبة بكشف “المستفيدين”

في ظل تصاعد الغضب الشعبي والسياسي بالمغرب، برزت قضية دعم استيراد اللحوم الحمراء كواحدة من أخطر أزمات التدبير الحكومي في السنوات الأخيرة. حيث كشفت معطيات رسمية أن الحكومة المغربية أنفقت أكثر من 13.3 مليار درهم خلال عامين فقط في إطار خطة دعم استيراد الماشية، دون تحقيق الأهداف المعلنة، مثل كبح أسعار اللحوم أو تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصًا خلال فترات الأعياد.
المفارقة الكبرى تكمن في حجم المبلغ الذي يُقارب 1.3 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبًا ثروة رئيس الحكومة عزيز أخنوش الشخصية وفق تصنيفات “فوربس”، دون أن ينعكس ذلك إيجابيًا على السوق أو يخفف من معاناة المواطنين. بل إن موسم عيد الأضحى الأخير شهد دعوة ملكية للاستغناء عن شعيرة الذبح، في مؤشر واضح على فشل التدابير المتخذة.
عبد الصمد حيكر، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، وصف ما بات يُعرف بـ”فضيحة الفراقشية” بأنها امتحان حقيقي لمدى جدية الحكومة في محاربة الفساد وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأوضح أن الحكومة قد تدعي ما تشاء بشأن ملف استيراد الأبقار والأغنام، لكن الوقائع تشير إلى اختلالات واضحة تجعل من هذا الملف اختبارًا لنزاهة الأداء الحكومي، خاصة فيما يتعلق بضمان تكافؤ الفرص والمنافسة الحرة.
وأشار حيكر إلى أن استيراد الأبقار والأغنام كلف ميزانية الدولة حتى أكتوبر الماضي أكثر من 13 مليار درهم، وقد يصل إلى أكثر من 20 مليار درهم حاليًا. وأبرز أن 10% فقط من مقدمي الطلبات استفادوا فعليًا من هذه العملية، مما يثير تساؤلات جدية حول معايير الانتقاء والاستفادة.
وقد انتقد حيكر انحراف توجه الدعم العمومي، مشيرًا إلى أن الدعم لم يُوجه لفائدة مهنيي قطاع تربية المواشي أو الأسر التي تعتمد على تربية الماشية، والتي تُقدّر بأكثر من 600 ألف أسرة، بل استفادت منه جهات محددة حققت أرباحًا غير معقولة بلغت 40 درهمًا للكيلوغرام الواحد من اللحوم، و100% من الأرباح في رؤوس الأغنام.
وأكد أن هذا الدعم العمومي لم يُفضِ إلى أي نتائج ملموسة على مستوى السوق أو القدرة الشرائية للمواطنين، بل ساهم في إهدار المال العام. ودعا إلى مساءلة الحكومة والبحث في أوجه القصور والتلاعب.
كما طالب حيكر بفتح تحقيق برلماني جدي بدل الاكتفاء بتصريحات إعلامية غير عملية، مشددًا على ضرورة تشكيل لجنة تقصي الحقائق بدل لجنة استطلاع، بالنظر إلى الصلاحيات الواسعة للأولى، والتي من شأنها أن تكشف حقيقة ما جرى وتحدد المسؤوليات.
وختم حيكر بدعوة الأغلبية الحكومية والبرلمانية إلى تحمل مسؤوليتها في هذا الملف، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بثقة المواطن في مؤسسات الدولة وفي جدية تعاملها مع قضايا الشفافية والعدالة.
تعليقات