آخر الأخبار

المجلس الإقتصادي والإجتماعي “ينتقد” تعديلات قانون الجرائم المالية

انتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأي رسمي أصدره بناءًا على طلب من رئيس مجلس النواب، تعديلات مشروع قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالجرائم الماسة بالمال العام.


واعتبر المجلس أن هذه التعديلات، التي تقيد حق التقاضي وصلاحيات النيابة العامة، تتعارض مع مقتضيات الدستور المغربي والالتزامات الدولية، كما تتنافى مع أحكام القانون الجنائي، خاصة الفصلين 209 و299، اللذين يلزمان بالإبلاغ عن الجرائم.

وأوضح المجلس أن التعديلات المتعلقة بالمادة 3 من قانون المسطرة الجنائية تثير إشكالات جوهرية مرتبطة بحق الولوج إلى العدالة، الذي يضمنه الفصل 118 من الدستور، ودور المجتمع المدني كما ينص عليه الفصل 12. كما أشار إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تشدد على أهمية مشاركة المجتمع المدني في التبليغ عن الفساد والجرائم الماسة بالأموال العامة.

وأكد المجلس أن القيود الجديدة تُضعف دور السلطة القضائية في مراقبة تدبير الأموال العمومية وزجر الجرائم الماسة بها، مما يعكس تراجعًا في قدرة السلطات العمومية على التصدي لهذه الجرائم. كما شدد على ضرورة الحفاظ على استقلالية النيابة العامة في التحريك التلقائي للدعوى العمومية، وهو ما يكفله القانون الحالي بموجب المادتين 40 و49.

وأشار المجلس إلى أن الصيغة المعدلة للمادة 3 تشترط إحالة أو طلب من هيئات معينة، مثل المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للمالية، لتحريك الدعوى العمومية. واستثنت هذه القيود حالة التلبس، التي وصفها المجلس بأنها “صعبة التطبيق بالنظر إلى خصوصيات الجرائم المالية”. واعتبر أن هذه الشروط قد تضعف السياسة الجنائية وجهود مكافحة الفساد، وتزيد من تعقيد الإجراءات القضائية المتعلقة بالمال العام.

كما لفت المجلس إلى أهمية دور القضاء والمجتمع المدني، مشددًا على أن الفصل 117 من الدستور يضمن حماية حقوق الأفراد والجماعات من قبل القاضي، في حين أن الفصل 107 يؤكد استقلال السلطة القضائية، التي يجب أن تبقى قادرة على مراقبة الأموال العمومية وزجر الجرائم دون قيود إضافية.

أثارت التعديلات المقترحة نقاشًا واسعًا بين الفاعلين القانونيين والسياسيين. حيث عبر العديد منهم عن مخاوفهم بشأن تراجع فعالية النيابة العامة في زجر الجرائم المالية، وطالبوا بمراجعة هذه التعديلات لضمان احترام الدستور المغربي وتعزيز دور القضاء والمجتمع المدني في مكافحة الفساد وحماية المال العام.

الصيغة الجديدة للمادة 3 تضع تساؤلات كبيرة حول مدى انسجام القانون مع سياسات الحكامة الجيدة والشفافية.
وفي نفس السياق، يذكر أن فيدرالية اليسار الديمقراطي عارضت بشدة مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرةً أن هذا المشروع يمثل “إجراء احترازيًا” يهدف إلى حماية السياسيين الفاسدين ويقيّد دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد والرشوة والإثراء غير المشروع.

وجاء هذا الانتقاد في إطار موجة من الانتقادات الحادة التي أطلقتها فعاليات حقوقية وحزبية ترى في مشروع القانون الجديد، الذي صادقت عليه الحكومة المغربية خلال اجتماعها يوم الخميس الماضي، “تقييدًا صارخًا” لقدرة جمعيات المجتمع المدني على تقديم شكايات ضد المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام.

المقال التالي