آخر الأخبار

بكار السباعي يحلل تصعيد دول الساحل ضد الجزائر: دعم للإرهاب وعزلة دبلوماسية تلوح في الأفق

أصدر رؤساء دول مالي و النيجر وبوركينا فاصو بيانا اكدوا فيه أن تدمير طائرة مسيرة تابعة لجيش دولة مالي كان لحماية جماعة إرهابية تابعة للجزائر من القصف والجزائر ترعى الإرهاب في المنطقة، وبناء عليه قررت الدول الثلاث إعتبار أراضيها ساحة حرب موحدة، وسحب سفرائها فورا من الجزائر.

وللإحاطة بجوانب هذا الموضوع، كان لنا حديث مستفيض مع الأستاذ الحسين بكار السباعي، المحامي بهيئة أكادير والعيون، وممثل المنظمة الدولية لحماية التراث بالصحراء المغربية، والذي قدم قراءة قانونية وسياسية معمّقة لتطورات الأحداث، انطلاقًا من المعطيات الميدانية والمؤشرات الإقليمية والدولية.

وفي هذا السياق، يرى الأستاذ بكار السباعي أن التطورات الأخيرة التي عرفتها المنطقة، ولا سيما إعلان مالي والنيجر وبوركينا فاسو عن استدعاء سفرائها من الجزائر، تُعدُّ رسالة دبلوماسية صارمة وذات دلالة سياسية عميقة، تعكس تذمر هذه الدول من النهج الذي يتبعه النظام الجزائري في تعامله مع قضايا الأمن الإقليمي. كما يؤكد المتحدث أن هذه الخطوة تأتي في سياق متكامل من الردود التصعيدية، أبرزها انسحاب مالي الفوري من لجنة الأركان المشتركة “لاسيموم”، واعتزامها التوجه للهيئات الدولية لرفع شكاية ضد الجزائر بتهمة العدوان، وهو ما يُبرز حجم التوتر الدبلوماسي غير المسبوق في المنطقة.

ولم يفت الأستاذ السباعي أن يربط بين هذه التحركات الدبلوماسية ونتائج الاجتماع الأخير لتحالف دول الساحل، الذي خلُص إلى بيان مشترك اعتبر بمثابة صفعة قوية للمخططات الجزائرية، خاصة تلك الداعمة للتنظيمات الإرهابية بالمنطقة. وهو ما يؤكد – بحسب قوله – أن تحالف دول الساحل أضحى على وعي تام بضرورة تغيير نمط تعاطيه مع النظام الجزائري، من المجاملات التقليدية إلى المواجهة المباشرة والفضح العلني.

ويُشدّد الأستاذ السباعي، في تحليله، على أن استدعاء السفراء لا يعد إجراءً عادياً، بل هو شكل متقدم من أشكال الاحتجاج وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وهو يحمل في طياته رسالة واضحة لا تحتمل التأويل: أن دول الساحل لم تعد تقبل بأي نوع من العلاقات مع نظام سياسي ثبت بالأدلة تورطه في رعاية الإرهاب وإفشال جهود التنمية بالمنطقة. كما اعتبر أن هذا الموقف يؤسس لمرحلة جديدة من العزلة الدولية للنظام الجزائري، الذي ما عاد يُخفي خلف شعاراته الثورية الزائفة، بل بات مكشوف النوايا والسياسات.

ومن خلال تصريحاته، يوضح الأستاذ السباعي أن الاتهامات الموجهة للجزائر بدعم الإرهاب لم تأت من فراغ، بل هي خلاصة لواقع جيوسياسي متجذر منذ مطلع الألفية الثالثة، تَميّز بتورط النظام العسكري الجزائري في تمويل وتسليح الجماعات الانفصالية والمتطرفة، بما يخدم مشروعه التوسعي على حساب استقرار وأمن دول الجوار. بل إن هذه المعطيات – كما يؤكد المتحدث – موثقة من طرف مراكز استخباراتية دولية، وعلى رأسها مركز “أوزينيت” المتخصص في الاستخبارات مفتوحة المصدر.

وفي سياق متصل، يرى الأستاذ بكار السباعي أن الوقت قد حان لتصنيف ميليشيات البوليساريو كمنظمة إرهابية، إلى جانب تصنيف الجزائر كدولة راعية للإرهاب، وهو مطلب بات يُطرح بجدية داخل أروقة صنع القرار الدولي، نظراً لما تمثله هذه الكيانات من تهديد مباشر للسلم والأمن الإقليمي والدولي.

ولم يغفل المتحدث الإشارة إلى الدور البنّاء الذي تضطلع به المملكة المغربية، التي تقف على النقيض من السلوك الجزائري، إذ تعمل على دعم التنمية المستدامة في منطقة الساحل، إلى جانب التصدي للجماعات المتطرفة، في إطار مقاربة شمولية أمنية وتنموية. ومن بين المبادرات الرائدة التي أشار إليها الأستاذ السباعي، خطة الأطلسي التي أطلقها المغرب لتمكين دول الساحل من واجهة بحرية، ما سيفتح لها آفاقاً اقتصادية جديدة ويقلل من هشاشتها الجيوسياسية.

كما شدد على أن هذه الجهود المغربية تنسجم مع الرؤية الأمريكية لمحاربة الإرهاب بمنطقة الساحل، من خلال التحالف الدولي لمكافحة “داعش”، وهو ما يؤكد أن التنمية لا يمكن أن تتحقق دون أمن، وأن الإرهاب هو العدو الأول لأي محاولة إصلاح أو نهوض تنموي في القارة الإفريقية.

وفي ختام تصريحاته، أكد الأستاذ الحسين بكار السباعي أن هذه المستجدات سيكون لها أثر واضح في دعم موقف المغرب بخصوص قضية الصحراء المغربية، خاصة ونحن على أبواب انعقاد جلسة مرتقبة لمجلس الأمن. كما أن انسحاب السفراء، بحسبه، عرّى عن النظام الجزائري وأسقط عنه صفة “الوسيط المحايد”، ليكشف حقيقته كطرف منحاز، داعم للجماعات الانفصالية، فاقد للحياد والمصداقية أمام المنتظم الدولي.

خالد أفرياض

المقال التالي