آخر الأخبار

تعيين “التجمعي” عيدة بوكنين على رأس “أكاديمية سوس ماسة

علم “مغرب تايمز” أنه تم تكليف المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بأكادير إداوتنان، عيدة بوكنين، بتدبير شؤون الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة، في خطوة “مثيرة” تأتي في سياق تصاعد الجدل حول التعيينات الأخيرة بالقطاع، والتي بات يُنظر إليها كأحد تجليات استحواذ حزب التجمع الوطني للأحرار على مفاصل القرار داخل وزارة يُفترض أن تكون بمنأى عن الحسابات الحزبية الضيقة.

وعيدة بوكنين ليس اسما جديدا في قطاع التربية الوطنية، فالرجل راكم تجربة مهنية طويلة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، بدأها أستاذًا للتعليم الابتدائي سنة 1990، قبل أن ينتقل إلى مهام الإدارة التربوية والنظارة والحراسة العامة، ثم إلى تدبير مصلحة الشؤون التربوية بنيابة آسا الزاك، بعدها، تسلّق المراتب بسرعة، ليتولى منصب نائب إقليمي بكل من آسا الزاك وكلميم بين 2007 و2016، ثم مديرًا إقليميًا بإنزكان آيت ملول، فأكادير إداوتنان منذ 2021.

لكن خلف هذا المسار المهني، يبرز بعد سياسي لا يمكن تجاهله، فقد سبق لبوكنين أن شغل منصب المنسق الإقليمي لحزب التجمع الوطني للأحرار بآسا الزاك، وكان عضوًا نشيطًا في صفوفه، ووقع “عقد النجاعة” مع الحزب في يوليوز 2018، كما انتُخب سنة 2015 نائبا خامسًا لرئيس جهة كلميم-واد نون عن نفس الحزب، وكان يشغل في الوقت ذاته مهمة مستشار بلدي بآسا.

ورغم أنه طلب لعزيز أخنوش رئيس الحزب إعفاءه من مهمة التنسيق الإقليمي في 30 نونبر 2020 وفق الوثيقة التي تتوفر عليها “الصحيفة”، إلا أن معطيات متقاطعة تؤكد أنه لا يزال فاعلا حزبيا ضمن “الحمامة”، مما يُضفي على مسار تكليفه بالأكاديمية الجهوية طابعًا سياسيًا صرفًا أكثر من كونه إداريًا محضًا.


ويطرح هذا التوجه أسئلة مقلقة حول مدى احترام وزارة التربية الوطنية لمبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص، كما ينص عليه الفصلان 154 و155 من دستور المملكة، واللذان يكرسان مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة في تدبير المرافق العمومية.


وليست هذه المرة الأولى التي تُوجَّه فيها أصابع الاتهام إلى حزب التجمع الوطني للأحرار بـ”التحكم” في تعيينات قطاع التعليم، لكن ما يثير القلق حاليًا هو أن منطق الهيمنة بدأ يتغلغل داخل مفاصل حساسة كالأكاديميات الجهوية، التي تضطلع بأدوار تنفيذية محورية في تنزيل الإصلاح التربوي.
ويخشى فاعلون تربويون ونقابيون أن يؤدي هذا التوجه إلى إفراغ مناصب المسؤولية من مضمونها المؤسساتي، وجعلها رهينة ولاءات سياسية قد تُضعف من استقلالية القرار الإداري، وتُربك سير الإصلاحات المنتظرة.

والواقع أن ما يحدث داخل وزارة التربية الوطنية يتجاوز مجرد تعيينات فردية، ليُطرح كإشكال بنيوي يتعلق باختراق الحقل التربوي من طرف أجندات حزبية، تسعى إلى توسيع نفوذها الإداري على حساب الكفاءة والمصلحة العامة، وذلك تزامنا والحملة الانتخابية السابقة لأوانها التي أشعلت فتيل المنافسة الصامتة بين الأحزاب خصوصا الثلاثية التي تقود التحالف الحكومي.

المقال التالي