آخر الأخبار

إصلاح صناديق التقاعد محل اتهامات متبادلة بين الحكومة والنقابات

غرق إصلاح صناديق التقاعد في تراشق مليء بالاتهامات المتبادلة بين النقابات والحكومة، وهو التجاذب الذي سيستهلك المزيد من الوقت الحاسم.


يحدث هذا رغم التحذيرات الصريحة التي حملتها تقارير دولية وتصريحات رسمية، من أن جميع المؤشرات أصبحت حمراء، وتنذر بانهيار وشيك لهذه الصناديق في حال عدم اعتماد الإصلاح في أقرب الآجال. غير أن هذا التحذير لم يكن ذا مفعول بعد أن تهربت الحكومة من كشف وصفتها المسمومة، رغم انصرام الأجل الذي التزمت به.


التسربيات التي تم إطلاقها كبالون اختبار تتهم الحكومة بالسعي إلى رفع سن التقاعد إلى 65 سنة والرفع من الاشتراكات بنسبة 20 في المائة، وتخفيض المعاشات ب30 في المائة،


ويبدو واضحا أن هذه الخطة لا تخرج عن دائرة الإصلاحات التقليدية التي تحوم حول السن والمساهمات وقيمة المعاشات، فيما تطالب النقابات بتحسين حكامة هذه الصناديق وعدم تحميل الأجراء والموظفين وزر أي إصلاح.

فوق ذلك، لم تتردد الحكومة، وفي كل مرة تتوتر فيها الأجواء مع النقابات بخصوص الحوار الاجتماعي وإصلاح صناديق التقاعد، في إشهار لائحة من الاتهامات، منها سعي أطراف نقابية لخدمة أجندة المعارضة، ووضع العصا في العجلة، والتشدد في المواقف رغم تباينها، ومحاولة فرض حوار مشروط لربح وقت سيكون على حساب الإصلاح، وسيحد من قدرة الحكومة على تنزيله. وهي لائحة اتهامات لم تتأخر أطراف نقابية في الرد عليها باتهامات أشد.


وقالت مصادر نقابية إن خلاف النقابات مع الحكومة لا يقتصر فقط على المنهجية في ظل إصرار الحكومة على فصل ملف إصلاح التقاعد عن باقي الملفات المطلبية الاجتماعية، وهو أمر مرفوض ويعتبر خطاً أحمر من قبل النقابات، بل “يمتد الخلاف أيضًا إلى مقاربة الإصلاح. ففي الوقت الذي تريد الحكومة حصرها في الأبعاد المالية، فإن النقابات تملك تصوُّرًا لا يستحضر التوازنات المالية لهذه الصناديق فقط، بل أيضًا القدرة الشرائية للمنخرطين، سواء أكانوا نشطين أم متقاعدين.”

مطلب رفع الأجور موازاة مع إصلاح صناديق التقاعد ترى فيه الحكومة محاولة من النقابات لاستغلال الوضع الحرج للصناديق واستعجالية تنزيل الإصلاح من أجل كسب نقاط من خلال الضغط، ولو كان ذلك بمطلب يبدو تعجيزيًا. وهو تفسير يكشف، حسب المصادر ذاتها، سعي الحكومة لتنفيذ ما تقوله المؤسسات المالية الدولية.


ويبدو واضحًا أن سخاء كل طرف في توجيه الاتهامات للطرف الآخر سيغرق أزمة صناديق التقاعد في المزيد من السجالات، في ظل عدم ظهور بوادر لتوفير أجواء إيجابية وصحية من شأنها تعبيد الطرق للتوصل إلى اتفاق.
هذه المسؤولية تلقيها النقابات على عاتق الحكومة، حيث تؤكد أنها ملزمة “بتهيئة الأجواء الإيجابية لتفاوض حقيقي له بعد سياسي، وهو ما يفترض تحليها بالإرادة للتعاطي مع مطالب الحركة النقابية.”


التشدد الحكومي الذي رافق تمرير قانون الإضراب وعدم كشف تفاصيل خطة إصلاح صناديق التقاعد يطرح، حسب المصادر ذاتها، تساؤلات عما إذا كنا أمام حكومة سياسية أم أمام حكومة تقنوقراطية هاجسها هو التوازنات المالية على حساب التوازنات السياسية.

ونبَّهت ذات المؤاخذات إلى أن تركيز الحكومة على الهاجس المالي و بالأساس تمديد سن التقاعد سيؤثر على الآلاف من فرص الشغل في قطاعات تعاني من خصاص كبير مثل التعليم والصحة، ما سيحد من فرص ولوج ذوي التكوين العالي لبعض القطاعات.
هذه الانتقادات وغيرها واجهتها الحكومة بإشهار خطر أي تأخير في إصلاح صناديق التقاعد، حيث سبق للناطق الرسمي باسم الحكومة أن أكد أن تقاعد المغاربة سيصبح في مهب الريح انطلاقًا من سنة 2028.

المقال التالي