حكومة المونديال

سعيد الغماز كاتب وباحث
تأخرت أمطار الخير هذه السنة أيضا، وتأخرت معها أحلام الرفع من نسبة النمو لتقليص البطالة، وخفض مستوى التضخم لرفع العناء عن الأسر المغربية. وحدها التسخينات الانتخابية لم تتأخر. بل أعلنت أحزاب التحالف الحكومي، شروعها في حملة انتخابية سابقة لأوانها. المغاربة ينتظرون أمطارا سابقة لفصل الشتاء مصحوبة بالبرق والرعد، كعلامة على نهاية سنوات الجفاف، فإذا بهم يفاجئون برعد حملة انتخابية سابقة لأوانها، وبرق انتخابات لن تنظم إلى في أواخر سنة 2026.
خرجت المكونات الثلاثة للحكومة، تتحدث عن الانتخابات المقبلة، قبل نهاية الولاية الحالية. والمواطن المغربي يتساءل “علاش زعما هاد الزربة كلها على انتخابات باقي بعيدة؟”، لكنه لا يعرف الجواب. كل حزب يبشر المغاربة، بأنه سيحتل الرتبة الأولى، وسيقود حكومة، ارتأت الأحزاب الثلاثة تسميتها بحكومة المونديال.
في هذا المقال سنفتح علبة حكومة المونديال، لنرى ما بداخلها. ربما تفيدنا هذه العلبة في فهم “هاد الزربة في الحملة الانتخابية، قبل نهاية الولاية الحالية”.
المونديال الذي سينظمه المغرب، لا يشبه مونديال 2022. الشقيقة قطر نظمت المونديال لوحدها، وجمهور الكرة المستديرة، يتنقل بين مدن بلد واحد. أما مونديال المغرب، فسينظم مع بلدين أوروبيين يتفوقان عنا في الكثير من الأمور. وشعب الكرة المستديرة سيتنقل بين مدن المغرب، كما سيتنقل بين مدن اسبانيا والبرتغال. هنا يكمن التحدي الذي ينتظر حكومة المونديال. هذه الأحزاب التي تتصارع من الآن حول الانتخابات القادمة، لترأس حكومة المونديال “واش عارفا آش كا تقول ولا غا داويا؟”.
التحدي الأول الذي ستواجهه حكومة المونديال يخص المجال الصحي. هل أحزاب التحالف الحكومي قادرة على تقديم خدمات صحية، مثيلة لتلك التي سيجدها شعب المونديال في البلدين الأوروبيين؟ لا نريد الدخول في التفاصيل لأن “الهضرة فراسكم”، ونكتفي بالقول، إننا نريد فقط خدمات شبيهة لتلك المتوفرة في إسبانيا والبرتغال بدون زيادة ولا نقصان.
التحدي الثاني لحكومة المونديال، يتجلى في رئيس حكومة يجمع بين سلطة الحكومة وسلطة المال. حين سينكب جمهور المونديال على بلادنا مصحوبا بصحافة العالم، ستصل أخبار رئيس حكومة إلى الرأي العام المونديالي. وسيعرف أن شركاته تستفيد من أكبر صفقات حكومة هو رئيسها. هذا الجمهور المونديالي، سيجد أن اسبانيا والبرتغال حاربت تضارب المصالح منذ التحاقها بالاتحاد الأوروبي سنة 1986. وما يقوم به رئيس حكومة المملكة المغربية، يعني الاستقالة الفورية إذا حدث نفس الشيء في اسبانيا أو البرتغال.
مادام هذا لم يحدث في المغرب، فبلادنا متأخرة بأكثر من 40 سنة في مجال محاربة تضارب المصالح، مع بلدان سننظم معها مونديال 2030. فهل الفترة المتبقية على هذا تاريخ، كافية لتقليص الهوة بين بلدنا وبلدان أوروبا التي سننظم معها المونديال؟
سنبقى متفائلين، وسنتشبث بحلم مونديال سيكون سببا في معالجة الكثير من الاختلالات التي تعيق طموحنا التنموي وإقلاعنا الاقتصادي.
التحدي الثالث الذي سيواجه حكومة المونديال، هو الريع والفساد المستشري في البلاد. ففي آخر تقرير أصدرته منظمة الشفافية العالمية، احتل المغرب في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الرتبة 99، فيما احتلت البرتغال الرتبة 44 واسبانيا الرتبة 49. وهو تحدي سيواجه كذلك حكومة المونديال، وهو أمر يتطلب المزيد من التعبئة وتظافر الجهود لنكون في مستوى تنظيم مونديال يليق ببلادنا، ويكون في مستوى الدولتين اللتين تنظمان معنا هذا الحدث العالمي.
التحدي الرابع لحكومة المونديال، يتجلى في خدمات التنقل. فالمعروف عن شعب المونديال، أنه يستغل المباريات لزيارات سياحية في المدن المونديالية. هل التحالف الحكومي سيوفر خدمات تشتغل بالتطبيقات، لا يخرج السائح من فندقه، حتى يبلغه التطبيق عن وصول سيارة الأجرة باب الفندق. أم أن شعب المونديال سيشتغل بالتطبيقات في إسبانيا والبرتغال، وحين يحل ضيفا على حكومة المونديال، سيكون مطالبا بالوقوف في رأس الشارع، يشير للطاكسي ولا يقف له، وإن وقف يجيبه أنه ليس ذاهبا لوجهة السائح، وكأن الطاكسي تحول إلى حافلة لا تحيد عن الخط المرسوم لها.
التحدي الخامس يكمن في شعب المونديال الذي يكتري سيارة ليستفيد أكثر من إقامته في المدن المونديالية. في إسبانيا والبرتغال يركن السائح سيارته، ويتعامل مع آلة لأداء واجب التوقف. وحين يحل على حكومة المونديال، يركن سيارته، ويجد “مول الجيلي الأصفر” حاملا عصاه ويطالبه بالثمن الذي يريد. وحين يكتشف أنه أجنبي، تكون التسعيرة تفوق الخيال.
هذه عينة من التحديات التي يجب على حكومة السيد عزيز أخنوش، الانكباب على معالجتها، قبل الدخول في التسخينات الانتخابية، وقبل إعلان النية بتصدر الانتخابات، وقبل الحديث عن حكومة المونديال.
تعليقات