آخر الأخبار

حرب الذكاء الاصطناعي بين “ديب سيك” الصيني و “تشات جي بي تي” الأمريكي

أثار تطبيق الدردشة الذكي لشركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة “ديب سيك” صدمة وخسائر بمليارات الدولارات، لعمالقة في القطاع الذي تهمين عليه الولايات المتحدة منذ سنوات.

فالتطبيق الصيني الناشئ تفوّق على تطبيق “تشات جي بي تي” من “أوبن إي آي” على متجر تطبيقات شركة “آبل”، بعد إطلاقه أوائل يناير الجاري.

وتفوّق المساعد الذكي الخاص بالشركة الصينية التي تتخذ من مدينة هانغتشو في شرق الصين مقرًا لها، بتقنيات منخفضة التكلفة، ومفتوحة المصدر وباستخدام عدد أقل من الشرائح مقارنةً بالنماذج الرائدة عالميا، كما تقول بيانات للشركة وتقارير وبيانات صحفية نقلت بعضها وكالة “بلومبرغ” الأمريكية.

وأدى ذلك لخسائر غير مسبوقة، الاثنين، لسهم شركة “إنفيديا”، الأكبر بالعالم بهذا القطاع التكنولوجي بالولايات المتحدة، بحوالي 560 مليار دولار من قيمتها السوقية، مع استمرار تداعيات “الصدمة”، الثلاثاء.

“صدمة”

تفوق تطبيق الدردشة الصيني، كبّد شركة “إنفيديا”، التي تتخذ من سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا مقرًّا لها، انخفاضا، الاثنين، بنحو 17 بالمئة، وهو أكبر انخفاض منذ مارس 2020 (عام كورونا).

الانخفاض في قيمة السهم أدى إلى خسارة “إنفيديا” نحو 560 مليار دولار من قيمتها السوقية، ليصبح أكبر هبوط لسهم شركة بيوم واحد في تاريخ سوق الأسهم الأمريكية، قبل أن يمتد التأثير إلى باقي السوق بسبب الوزن الكبير للشركة في المؤشرات الرئيسية.

ومع خسائر يوم الاثنين، تسببت عمليات بيع “إنفيديا” في تسجيل 8 من أكبر 10 تراجعات يومية في مؤشر “إس آند بي 500” من حيث القيمة السوقية، وفقا لبيانات جمعتها “بلومبرغ”.

كما انخفض المؤشر بنسبة 2.3 بالمئة في بداية التداولات، الاثنين، بينما تراجع مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 3.6 بالمئة قبل أن يقلّص خسائره.

وانخفض مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 3 بالمئة، الاثنين، وهو أكبر انخفاض في 6 أسابيع، مما تركه ثابتًا تقريبًا لهذا العام وقيمته أقل بنحو تريليون دولار عما كانت عليه الجمعة.

وفي بداية جلسة الثلاثاء، انخفض مؤشر ناسداك المركّب بنسبة 0.1 بالمئة، بعد أن شهد هبوطًا حادّا بلغ 3.1 بالمئة في اليوم السابق، وفق وكالة “أسوشييتد برس”.

وعلى الرغم من التعافي الجزئي، استمرّت أسهم التكنولوجيا العالمية في مواجهة الضغوط، حيث أثار نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني مخاوف المستثمرين بشأن التقييمات المرتفعة وهيمنة الشركات الكبرى في هذا القطاع، بحسب المصدر ذاته.

واستمر الضغط على أسهم “إنفيديا”، التي تشكل رقائقها العمود الفقري لتحركات الذكاء الاصطناعي، حيث تراجعت بنسبة 0.8 بالمئة الثلاثاء، بعد أن فقدت مكاسبها الأولية، وذلك عقب تراجع بنسبة 17 بالمئة في اليوم السابق، وهو الأسوأ منذ أزمة جائحة كوفيد-19 عام 2020.

كما تحولت أسهم شركات أخرى مرتبطة بالذكاء الاصطناعي من المكاسب الأولية إلى الخسائر، بما في ذلك انخفاض بنسبة 0.8 بالمئة لشركة “بروادكوم” لصناعة الرقائق، و3.7 بالمئة لشركة “كونستليشن إنرجي”.

تحذير أمريكي

بعد هذه التراجعات، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريحات خلال مؤتمر للحزب الجمهوري في ميامي، الاثنين، إن نموذج “ديب سيك” هو بمثابة “جرس إنذار” للشركات الأمريكية، داعيا الصناع إلى “التركيز الحاد على المنافسة للفوز”.

واعتبر ترامب أن هذه الصدمة قد تكون أيضا “إيجابية” مع دفعها إلى الابتكار بتكلفة أقل، بدلا من “إنفاق المليارات والمليارات”.

والأسبوع الماضي، أعلن ترامب، وبعد تنصيبه للمرة الثانية رئيسا لبلاده، عن مشروع بقيمة 500 مليار دولار لإنشاء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بقيادة مجموعة “سوفت بانك” اليابانية، وشركتي “أوبن إي آي” و”تشات جي بي تي” الأمريكيتين.

نمو “مذهل”

في 10 يناير الجاري، أصدرت شركة “ديب سيك”، تطبيقها وأطلقته على متجر تطبيقات آبل بالولايات المتحدة، لتقدّم تجربة تعتمد على نموذجها المتطور ( ديب سيك في 3) كبديل مجاني للتطبيقات المماثلة المدفوعة مثل “شات جي بي تي”.

وبحسب بيانات للشركة، تأسست “ديب سيك” الصينية برأس مال يبلغ 10 ملايين يوان (نحو مليون و400 ألف دولار) عام 2023، وتقدّر تكلفة نموذجها للذكاء الاصطناعي بنحو 5.6 ملايين دولار، وهو رقم أقل بكثير مقارنة بنفقات عملاق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة “إنفيديا”، التي تتراوح بين 100 مليون دولار إلى مليار دولار.

وتأسست الشركة الصينية، على يد “ليانغ ونفنغ”، وتطور نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، ووصل تطبيق الهاتف الذي يحمل اسم الشركة نفسها “ديب سيك” إلى صدارة قوائم التحميل على متجر “آبل”.

وتفوّق تطبيق الدردشة الذكي الذي طورته “ديب سيك” على تطبيق “تشات جي بي تي” من “أوبن إي آي” على متجر تطبيقات شركة “آبل”.

ووصف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي” المنافسة، في منشور بمنصة إكس الاثنين، نموذج “ديب سيك” بأنه “مذهل، وخاصة فيما يقدمونه مقابل السعر”.

واستدرك: “لكننا متحمسون بشكل أساسي لمواصلة تنفيذ خريطة الطريق الخاصة بنا بشأن البحث، ونعتقد أن زيادة (القدرة) الحاسوبية باتت أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى حتى ننجح في مهمتنا”.

هذا الوعد الذي قطعه ألتمان على نفسه، في ظروف مشروع لترامب، يزيد من احتمالات منافسة غير مسبوقة بين بكين وواشنطن بهذا القطاع الملياري سريع النمو والانتشار.

المقال التالي