حملة إنتخابية سابقة لأوانها… أخنوش يلعب بالنار !

يوما تلوى الآخر تزداد فيه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تثقل كاهل المغاربة، مما يزيد الحاجة على الحكمة والنزاهة لمواجهة التحديات، يتصدر المشهد رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش بسلوك سياسي يثير الجدل، الذي فهم منه انه بداية حملة إنتخابية سابقة لأوانها.
إن زيارة رئيس الحكومة الأخيرة لإقليم الحوز يوم الجمعة 24 يناير 2025، برفقة رئيس جمعية “جود للتنمية”، لم تكن زيارة تفقدية كما سُوِّق لها، بل استعراضًا حزبيا يكرّس تداخلا صارخا بين العمل الحكومي والطموحات الانتخابية، إذ أن هذه الزيارة تسلط الضوء على مشهد سياسي يعكس افتقارا لقيم المنافسة الديمقراطية الشريفة والالتزام بالمصلحة الوطنية.
فمثلا في آسني وتامصلوحت، تفقد عزيز أخنوش مشاريع مثل “دار الفتاة”، و”دار الجوز”، وملعب قرب، ومؤسسة تعليمية خضعت للتهيئة، المشهد بشكل فج أشبه بحملة انتخابية سابقة لأوانها تُدار من خلال ذراع حزبي مكشوف هو جمعية “جود للتنمية”، وبدلاً من أن تعمل هذه الجمعية كتنظيم مدني مستقل يساهم في تعزيز التنمية بعيدا عن الحسابات السياسية، تحولت إلى أداة سياسية مكشوفة تخدم أجندة حزبية ضيقة، الشيئ الذي يظهر تداخلا خطيرا بين العمل التنموي والإنساني وبين محاولات استمالة أصوات الناخبين باستخدام أوراق التنمية كوسيلة لجذب الناخبين.
وما يجب أن يدركه رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ان محاولة وضع “جود” في المشهد السياسي يضر بصورة العمل التنموي والإنساني في المغرب، إذ أن مثل هذه الممارسات لا تُضعف فقط مكانة العمل التنموي، بل تُعرض ثقة المواطنين في المؤسسات الكبرى للخطر.
وهنا يُسأل أخنوش كرئيس للحكومة عن مسؤوليته في تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين لخدمة المصلحة العامة، بدلاً من تسويق حزبه ومؤسساته كبديل لمؤسسة وطنية تحظى بثقة وإجماع المغاربة.
ولكن، في ظل هذا المشهد الملتبس، يبقى صمت التنظيمات الحزبية الأخرى ملفتًا للنظر، فكيف يمكن تفسير هذا الصمت المريب، الذي يبدو أقرب إلى التواطؤ، أمام ممارسات تهدد ما تبقى من نزاهة المشهد السياسي المغربي؟ هل انسحبت هذه الأحزاب من دورها أم استسلمت لسطوة المال والنفوذ؟، تاركة الساحة لرئيس الحكومة ليعيد رسم السياسة بأسلوب يفتقر إلى الحكامة والمسؤولية الأخلاقية؟
وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطن المغربي يوميا تحت وطأة أزمات اقتصادية خانقة، من غلاء الأسعار وتراجع الخدمات الاجتماعية، تبدو هذه الاستعراضات السياسية محاولات مكشوفة لتزييف الواقع وتسويق إنجازات زائفة تخدم مصالح حزبية آنية.
وما يبدو واضحا هو أن رئيس الحكومة، ومعه حزبه، يصران على انتهاج استراتيجيات تُضعف العمل السياسي، اذ أن استمرار هذا النهج يُنذر بخطر حقيقي على نزاهة الانتخابات المقبلة وعلى مصداقية العمل السياسي ككل.
إن ما يحتاجه المغرب اليوم هو التزام سياسي يُعيد الاعتبار إلى القيم الحقيقية للعمل السياسي، من خلال العمل بجدية وشفافية لخدمة الصالح العام، بعيدا عن أي ممارسات تُضعف الثقة بين المواطن ومؤسساته.
المسؤولية السياسية ليست مجرد شعارات تُردد في الحملات الانتخابية، بل هي التزام مستمر بالتجاوب مع احتياجات المواطنين وتطلعاتهم، وهو ما ينتظره المغاربة من كل من يتقلدون المناصب العليا لتدبير الشأن العام.
تعليقات