آخر الأخبار

لماذا فشل أخنوش في تدبير جماعة أكادير؟

عندما أعلن السيد عزيز أخنوش وهو رئيس الحكومة، أنه سيتولى رئاسة المجلس الجماعي لأكادير، اختلفت الآراء حول هذا الأمر. فنجد من ذهب إلى أن رئيس الحكومة، لا يملك من الوقت الذي يكفيه لتدبير شؤون المدينة، وهو ما سيجعل منه الرئيس الغائب عن الجماعة. وهناك أتجاه، اعتبر أن تدبير شؤون المدينة من قبل رئيس الحكومة، سيشكل قيمة مضافة، ترتقي بالمدينة إلى ما هو أفضل، وتجد حلولا للمشاكل المستعصية.


الرأي العام في مدينة الانبعاث، اتجه في غالبيته إلى الرأي الثاني. وسبب اختياره يتحدد في كون السيد عزيز أخنوش هو رجل أعمال، وله ثروة كبيرة، ورئيس حزب كبير، وفوق ذلك هو رئيس الحكومة. كل هذه القبعات تشكل، في اعتقاد ساكنة مدينة أكادير، قيمة مضافة من شأنها أن تجعل من مدينة الانبعاث في مصاف المدن المغربية الكبرى.
هذه الصفات تجعل أخنوش قادرا على أن يجد حلولا للمدينة قد لا يستطيع رئيس آخر معالجتها. هكذا إذا استبشرت ساكنة أكادير بتولي السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش رئاسة المجلس الجماعي. فبدأ الحديث عن كون السيد أخنوش، يمكنه معالجة القضايا التي استعصت على الرؤساء السابقين. شرعت ساكنة أكادير في الحديث عن كون السيد أخنوش سيقوم بتسريع تشغيل المستشفى الجامعي، ويقوم بتأهيل مستشفى الحسن الثاني الذي تتحدث عنه كثيرا ساكنة أكادير، المتضررة من العرض الصحي في المدينة. سيجد كذلك حلا لمطرح النفايات وتجنيب الساكنة خطورة الليكسيفيا، فهذا المطرح قنبلة موقوتة، تسكن بالقرب من المدينة. كانت الساكنة تطمح كذلك أن تخرج المدينة من الركود الاقتصادي الذي تعاني منه، وتشهد أكادير في عهد السيد أخنوش، رواجا اقتصاديا ينمي مدخول أصحاب المحلات التجارية. كان الحديث كذلك عن كون السيد أخنوش سيحارب الكلاب الضالة التي تؤرق الساكنة، ومحاربة ظاهرة أطفال الشوارع التي استفحلت في المدينة، وذلك بإيوائهم وإرجاعهم لأقسام الدراسة. ساكنة سفوح الجبال استبشرت هي الأخرى خيرا بترأس السيد رئيس الحكومة للمجلس الجماعي، لجعل هذه الشريحة من ساكنة المدينة، تنعم هي الأخرى بشروط العيش الكريم من ماء وكهرباء وصرف صحي وتبليط الأزقة.


كانت هذه هي حسابات ساكنة أكادير، وهي تسمع بأن السيد رئيس الحكومة يريد أن يشرف على رئاسة مجلسهم الجماعي. لكن يبدو أن السيد عزيز أخنوش، كانت له هو الآخر حساباته الخاصة. كيف ذلك؟
السيد أخنوش يعرف جيدا أنه لا يملك الوقت الكافي لتدبير شؤون جماعة أكادير، وهو رئيس الحكومة. كان يعلم علم اليقين أنه لن يستطيع المزاوجة بين الاثنين، لأن اكراهات رئاسة الحكومة كثيرة وكثيرة جدا. لكنه يضع نصب عينيه، المشروع الملكي الذي تركه له المجلس السابق. والكل يعلم أنه مشروع واعد سيغير معالم المدينة لأنه يستهدف النيات التحتية. ربما كانت حساباته تقول له، حتى إذا عجز عن إضافة شيء جديد للمدينة من إنجازه ويحسب له، يمكنه أن يوظف المشاريع التي تضمنها المشروع الملكي الذي أشرف عليه جلالة الملك في 04 نونبر 2020، ووقعه أمام أنظار جلالته المجلس السابق.


بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تحمل السيد أخنوش رئاسة تدبير المجلس الجماعي، بدأت الصورة تتضح للرأي العام في أكادير. الكل أصبح يتساءل عن مشروع كبير في المدينة من أنجاز السيد أخنوش. الجواب لا شيء، بل حتى تلك المشاريع التي كانت ساكنة أكادير تمني النفس أن ينجح أخنوش في معالجتها، بقيت تراوح مكانها، وكأن عقارب المدينة توقفت عند ما تركه المجلس السابق. المستشفى الجامعي لم يشتغل بعد، مستشفى الحسن الثاني تعاني منه الأطر الصحية قبل المرتفقين من ساكنة المدينة، مطرح النفايات بقي على حاله كما تركه المجلس السابق، بل حتى نقاط وضع “البركسات” بقيت كما تركها المجلس السابق، وكأن المدينة لم تشهد عمرانا جديدا ولا أحياء جديدة. الكلاب الضالة زاد ضلالها في عهد السيد أخنوش فأصبحت تنهش لحم المواطنين ولم تستثني لحم الأجانب، أطفال الشوارع زاد عددهم واستفحلت وضعيتهم….


لكن الرأي العام في المدينة، فهم الآن لماذا كان السيد أخنوش يغيب عن دورات المجلس، ويحرص على الحضور إلى المدينة، عند انطلاق مشاريع برنامج التأهيل الحضري الذي أشرف عليه جلالة الملك، ويحرص على التقاط الصور كما فعل في حديقة ابن زيدون، وحديقة جمال الذرة وقصبة أكادير أوفلا…والباقية آتية بانتهاء إنجاز المشاريع المسطرة في المشروع الملكي.


أمام هذه الصورة السريالية لمدينة أكادير، بدأ تساءل جديد يطرحه الراي العام في المدينة. يقول التساؤل: لو ترك السيد أخنوش رئاسة المجلس الجماعي لشخص يقطن المدينة، ومتفرغ لتدبيرها، وله الصلاحيات الكاملة كرئيس. ربما كانت أوضاع المدينة أفضل، وربما كنا سنشهد إنجازات جديدة تنضاف للمشاريع الملكية.


هذه هي حكاية رئيس حكومة، ارتأى أن يشرف على رئاسة المدينة، فلا هو أنجز الأفضل، ولا هو ترك الآخرون يخدمون المدينة بطريقتهم. مع اقتراب نهاية ولاية السيد أخنوش، أصبح الرأي العام في أكادير، يتطلع فقط إلى تدبير جيد للمشاريع الملكية، ويتساءل عن قدرة السيد أخنوش في إرساء تسيير حكيم ومتقدم لمشاريع ملكية كبيرة من قبيل المسابح الجماعية، وملاعب القرب، والمسرح الكبير، والمكتبة الوسائطية، ونقاط القراءة، ومعهد الفنون…..لكن ما حدث في أول اختبار بخصوص تدبير المسابح الجماعية لا يبشر بالخير، حتى السيد الوالي لم يصادق على مقترح المجلس الجماعي بخصوص تدبير هذه المسابح الجماعية.


ساكنة أكادير أصبحت الآن تطرح سؤال: ما هو أبرز مشروع من إنجاز السيد أخنوش خارج المشاريع الملكية. الجواب عن هذا السؤال يجعل مدينة أكادير أمام حقيقة لم تكن تتصورها قبل ثلاث سنوات: لقد فشل السيد أخنوش في تدبير مدينة الانبعاث. ولو ترك لشخص آخر يقطن المدينة، رئاسة الجماعة، لكان الوضع أفضل.
ختاما نقول إن فترة تدبير السيد أخنوش لمدينة أكادير لها عنوان وحيد: مشاريع ملكية واعدة، تنتظر تدبيرا ناجحا، لم يأتي بعد. والساكنة تنتظر في غرفة الانتظار بزوغ شمس ساطعة في يوم جديد وربما جميل. لا ندري.
سعيد الغماز
باحث وكاتب رأي

المقال التالي