آخر الأخبار

أربع ملاحظات نقدية على مشروع المدونة الجديدة للأسرة

في محاولة للحفاظ على الحد الأدنى من التوازن الاجتماعي والسياسي، قامت الحكومة المغربية بإصدار “مدونة الأسرة” عام 2004, فبعد مرور عشرين عامًا، لا يزال إصلاح قانون الأحوال الشخصية يشكل قضية مركزية بالنسبة للكثيرين، نمر على أربع ملاحظات نقدية بخصوص مشروع المدونة الجديدة للأسرة:

1/ المبالغة في تدخل القانون في ما لا لزوم لدخول القانون فيه والأجدر تركه لشؤون المجتمع وثقافته ووعيه ومستواه الاقتصادي/ فلا يعقل ان يحشر المشرع نفسه في كل شيء حتى في طرق احتساب عمل المرأة في المنزل/ ومتى بدأ ومتى توقف/ وهل إذا كانت الخادمة في المنزل سيتوقف احتساب عمل المرأة أم لا / وإذا غابت هل ستدلي المرأة أثناء الطلاق بما يثبت أنها كانت ترعى منزلها وأطفالها/ واش غادي نديرو كونطابل في كل بيت لاحتساب الكد والسعاية ….هذا سيعقد الأمور اكثر ويصعب الزواج في بلاد تشهد ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع نسبة الطلاق

2/ الحل الهندوسي : احمد الريسوني عالم كبير ومتخصص في مبحث المقاصد اعتبر ان المرأة ستجد حقوق كثيرة في مشروع المدونة الجديدة وستعثر على مزايا عديدة لكنها لن تجد رجلا مستعدا للزواج/ وربما تصبح مثلها مثل نساء الطائفة الهندوسية التي تدفع أموال باهضة كمهر للرجل للزواج بها/ …ربما الشيخ يبالغ او هو خفيف الظل وصاحب نكتة على كل حال/ لكن لابد من الانتباه إلى نتائج الإحصاء العام الأخير الذي اظهر ان معدل الخصوبة نزل في العشر سنوات الأخيرة بشكل مهول ومع هذه الرجة النفسية التي اصابت الشباب العازب حول اقتسام الثروة المتحصلة من فترة الزواج/ وهي في جزء منها مبالغ فيها/ فان الإقبال على الزواج الذي هو في تنازل منذ مدة ومعه ارتفاع حالات الطلاق ….فان الخصوبة في خطر على المدى المتوسط
والبعيد

3/ لا يجب ان ننسى ان الآليات التي اعتمدناها للوصول إلى توافق مجتمعي حول نص استراتيجي حساس مثل المدونة آليات استثنائية في جوهرها وأنه لابد من الاهتمام بتقوية الموسسات التمثيلية من حكومة وبرلمان التي من المفروض ان تمثل افضل تمثيل رأي الأغلبية والأقلية / ولا يجب على هذه الموسسة التمثيلية ان تتعلم العگز /وان تصبح مثل عمال Glovo يوصلون الطلبيات ولا دخل لهم في الوجبة ولا مقادرها ولا كيف أعدت

4/ لابد لكل الأطراف التي لها مطالب حداثية او تقليدية في قانون الأسرة ان تخفف من اعتمادها الكلي على قانون واحد تريد منه ان يلعب القاطرة الرئيسية لمشروعها المجتمعي المدونة ليست حقيبة سنجمع فيها كل شيء دعوني اشرح …
بالنسبة للجمعيات النسائية / احوال الأسرة يتداخل فيها الاقتصادي بالاجتماعي بالعمراني بالتعليمي بالإعلامي بالثقافي …وعلى هولاء جميعا ان يلعبوا دورهم …فتاة في البادية تنقطع عن الدراسة في المرحلة الابتدائية لان الإعدادية بعيدة عن دوارها او قريتها بعشرات الكلومترات ماذا تفعل اسرتها فقيرة وغير متعلمة/ والتقاليد تخاف من العنوسة كيف تريدونها ألا تتزوج قبل 18 السنة ….زواج القاصرات جزء عند وزير التعليم وجزء عند وزارة المالية وجزء عند وزارة الثقافة وجزء عند وزارة التجهيز والنقل ….فلماذا نحمل المدونة كل هذا العبء …


استمعوا شوية إلى صوت المثقفين والمفكرين والفلاسفة/ انتم لا تستمعون سوى للسياسيين ورجال الدين وتقنيي النصوص القانونية هولاء على أهميتهم لا يتعاملون سوى مع الجزء الظاهر من جبل الجليد ولا ينظرون إلى الجزء الأكبر الموجود تحت الماء/ قبل 10 سنوات كنت في وفد صحافي استقبله الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مقر رئاسة الحكومة في انقرة /ولما فتح المجال للاسئلة سالته عن سر النقلة الاقتصادية الكبيرة التي أحدثها حزب العدالة والتنمية التركي في البلاد فرد علي اردوغان بجملة بسيطة: ( دخل اكبر مشاكل اقل لا يوجد سر ….لقد ضاعفنا معدل دخل التركي في عشر سنوات ) مال اكثر مشاكل اقل …

بالنسبة الاتجاهات المحافظة / القانون لا يحل كل المشاكل ولا يقوم كل الانحرافات/ هناك دور للتربية والدعوة باللتي هي احسن/ والتوعية الدينية على أخلاق العدالة والمساواة والتسامح والسماح والتضحية وحل الخلافات بطريقة ( وجادلهم بالتي هي احسن ) وفي النهاية ( إمساك بمعروف او تسريح باحسان ) ولا تكونوا ذوي نزعة ( قانونجية) juridisme تريد ان تستعمل الزجر القانوني في كل شيء/ سينتهي الأمر بخلق ازدواجية في الواقع بين النص القانوني/ والنص الواقعي/ وكلما ابتعد المجتمع على القانون تبدأ المشاكل

المقال التالي