في ذكرى 60 لتأسيس البرلمان المغربي

المؤسسة التشريعية ، مؤسسة الثقة تكتسي الطابع الديمقراطي الذي تستمده من الشعب عن طريق انتخابات تمكن المواطن اختيار من يمثله من خلال سلطة الصوت الذي لا تفارقه صناديق الإقتراع باعتبارها صمام ديمقراطية الإستحقاقات .


البرلمان المغربي يطفئ شمعته الستينية . فياترى هل هذه المؤسسة قامت بدورها التمثيلي للشعب ؟ وهل كرست دورها الدستوري القائم على المراقبة ؟ وهل نجحت في تقديم مشاريع قوانين صالحة للعباد والبلاد ولخدمة المصلحة العامة ؟


نطرا للعهد الجديد والذي يجمع بين ملك جديد ودستور جديد وشعب يتطلع للتغيير والتصحيح وتنزيل دستور يرقى بمواده إلى مستوى الدول المتقدمة والمتحضرة أخذ الشعب المغربي مبادرة دفن الماضي وعيوبه وتقصيره القائم على المحسوبية والزبونية والمحزوبية التي ساهمت بشكل خطير في تعطيل المسار التنموي الإقتصادي والردة التي طبعت المجال الحقوقي ما جعلنا نعيش الواقع على مستوى الخطابات وسانفونيات “قولو العام زين ” التي تعتبر عنوان طمس الحقيقة بكل الوسائل المتاحة كما هو الحال تسخير المقاربة الأمنية من أجل ترهيب المواطنين .


فقد عشنا منذ 2011 إلى كتابة هذه السطور 3 انتخابات تشريعية أفضت إلى نتائج سلبية لا دور فيها لنواب الأمة ، فبخصوص انتخابات ما قبل 2021 لم تتحقق البرامج التي صوت عليها الناخب وبدا البرلمان بغرفتيه يكرس المكر والنصب من خلال عدم الوفاء بالبرامج الانتخابية ومصيرها المعلق بالبرنامج الحكومي .


أما بخصوص انتخابات 8 ستنبر 2021 فالانتخابات التشريعية عرفت بدعة القاسم الانتخابي الجديدالذي يخالف كل القوانين الانتخابية الكونية وهو مصيدة وفخ لإعادة الحزب الواحد ومقصلة واضحة لديمقراطية الإنتخابات والتي لم يؤخذ فيها صوت المواطن كآلية وحيدة للقاسم المعتمد دوليا ، بل اعتمد مهندس الانتخابات عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية وأقصى سلطة الصوت واختيارات المواطنين ضربا للدستور الذي يمنح السيادة للأمة والتي تختار ممثليها بالإقتراع الحر والنزيه والمنتظم .


فعلى أي أساس ديمقراطي يصوت البرلمان على مدونة الانتخابات والمدونة في مشروعها تقصي 6 مليون مهاجر مغربي من التصويت والترشيح من خلال دولة الاستقبال كما هو الفصل 17 من دستور المملكة ، وهذا يعد خرقا وجورا واستقواء وتحكما في الانتخابات وفي عملية إقحام القاسم الجديد المعتمد على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية بدلا من صوت المواطن من خلال صناديق الاقتراع .


فأي مشروعية لهذا البرلمان وهو لم ينل صوت المواطنين ولم يحترم دستورية دستور المملكة ، وهل ولاية البرلمان مشروعة بعد قمع المكتسبات وطمس الفصول 16-17-18من دستور 2011.


القاتم في برلمان اليوم ، انحرافات خطيرة تتعلق بالنهب للمال العام وفساد من قبل بعض النواب من بينهم من صدرت فيهم أحكام بالسجن وآخرون في جلسات قضائية مستمرة و من في حكم التحقيق الإبتدائي ، وقضية فاحت رائحتها تتعلق بالمخدرات والمتاجرة في البشر وغيرها من التهم الثقيلة .


الملاحظ أن أغلب الذين سقطوا في الحملة التطهيرية هم برلمانيون منتمون لأحزاب مغربية ، ما يستوجب إعادة النظر في شروط الترشيح للبرلمان ، فيكفي ان المغاربة على علم ببرلمانيين لهم سوابق وتهرب ضريبي وشيكات بدون رصيد وعدم التصريح بمستخدمين في صندوق الضمان الاجتماعي ومختلفات .


لقد أصبح الحديث عن البرلمان وكأن الأمر يتعلق بمافيا خطيرة لها ما لها من قوة وتحكم في وضع كان فيه السياسي يستقوي ويتحكم في القضائي ، ما جعل الشر يتجدر ويستشري وينتشر حتى أصبح فزاعة لتخويف المواطنين وكل من يتحدث او يكشف عن الفساد او يلوح للمفسدين ، ظاهرة خطيرة لكن الحملة التطهيرية كانت جادة في الضرب بيد من حديد على أي كان و كيفما كان انتماءه الحزبي او منصبه السياسي إخطارا بالمساواة أمام القانون.


الذكرى الستون لتأسيس البرلمان المغربي تتطلب وقفة رجل حكيم ، يعيد الدور التشريعي لهذه المؤسسة التي فقدت مصداقيتها أمام جملة من الانزلاقات والانحرافات ، فلا توجد رقابة على الحكومة ولا مشاريع قوانين الا ما ترضى عنه الحكومة ، كما أصبح النائب يدخل قبة البرلمان من خلال عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس هناك من صوت عليه .


نرجو من الله ان يتدخل ملك البلاد الساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات .فالشعب ضاق وضاق ولم يعد يحتمل الا ثقة ملكه .


فاصل ونواصل
حسن أبوعقيل