انتخاب الحركي مبديع على رأس لجنة العدل النيابية يثير نقاشات حول “الأهلية”

لم يمر انتخاب محمد مبديع، القيادي والنائب البرلماني عن حزب الحركة الشعبية، على رأس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، في جلسة عامة بمجلس النواب دون أن يثير جدلا في الأوساط البرلمانية.

وبينما عمد عدد من النواب والنائبات، من المعارضة كما الأغلبية، إلى الانسحاب من جلسة التصويت على انتخابه بمجموع 250 صوتا من أصل 255 معبَّر عنها بعد إدلاء البعض الآخر بأوراق بيضاء اعتُبرت في عِداد “الملغاة”، سادت صدمة كبيرة في أوساط الفعاليات المدافعة عن “حماية المال العام” من انتخاب مبديع الذي ما زال موضوع تحقيقات أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مع منعه من السفر إلى الخارج.

انسحاب عدد من النواب جاء في شاكلة احتجاج من طرفهم على ترشيح اسمٍ متابَع في ملفات ثقيلة للفساد الإداري والمالي، تبعا لتسييره جماعة الفقيه بن صالح لمدة عقدين من الزمن أو يزيد، والتي انتُخب نائبا برلمانيا عنها في الولاية الحالية.

ويحتفظ “الحركيون” بمجلس النواب برئاسة هذه اللجنة الدائمة، التي تعد واحدة من أهمّ اللجان النيابية التسع، منذ بداية الولاية التشريعية الحالية (2021–2026)؛ بعد أن مرّ في رئاستها كل من محمد الأعرج ومحمد فاضيلي (عضوَا المكتب السياسي للسنبلة) بعد تجريدِهما بقرار المحكمة الدستورية من مقعديْهِما البرلمانيين.

“عبث سياسي”

نائبة برلمانية من صفوف المعارضة، لم ترغب في كشف هويتها للعموم، علّقت على الموضوع قائلة إن “ما حدث فيه احتقارٌ واضح وضربة قاضية للمؤسسة التشريعية بكل ما تحمله من رمزية التعبير عن الإرادة الشعبية”، معبرة عن “احتجاجها على الأمر وهو ما عبّرتُ عنه بانسحابي من جلسة التصويت”.

وذهبت النائبة ذاتها، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى اعتبار أن “تكرار انتخاب رئيس لجنة العدل والتشريع للمرة الثالثة بعد إسقاط عضوية الصفة البرلمانية مرتين متتاليتين يعبر عن أننا أمام سلسلة متابَعين أمام القضاء بملفات تتعلق بسوء التدبير وفساده”، مضيفة: “كان بإمكان فريق الحركة الشعبية أن يختار ممثلا آخر لهم للترشح لرئاسة واحدة من أكثر اللجان النيابية أهمية”.

“صدمة واستياء”

تابعت النائبة ذاتها تصريحها بالقول: “أعبّر عن استغرابي من إعلان مبديع رئيسا بـ250 صوتا موافقا.. فالقاعة لحظة الجلسة المخصصة للتصويت على انتخاب رئيس اللجنة المذكورة لم تعرف حضورا كبيرا؛ بينما ساد شعور بالصدمة والاستياء مما جرى وهناك من صوّت بورقة بيضاء معبرا عن امتناعه”.

“آلمَني كثيرا أن تصير أمور التشريع ولجنته إلى ما آلت إليه من ممارسة السياسة بدون أخلاق، في احتقار تام للإرادة الشعبية”، تابعت المتحدثة، لافتة إلى أن “مبديع فرض نفسه مرشحا وحيدا لرئاسة أبرز اللجان رغم ما قد يبديه فريقه من رفض”. وزادت: “لا أتوقع مكوثه طويلا في منصب رئيس اللجنة وقد تسقطه المحكمة الدستورية كما فعلت مع سابقيه”.

إجماع الحركيين

قال مصدر قيادي في الحركة الشعبية من داخل المكتب السياسي والفريق النيابي إن “مبديع كان مرشحا وحيدا حينما تم تداول الموضوع في المكتب السياسي وداخل الفريق بمجلس النواب”، مشددا على أنه “لم يكن هناك أي مرشح آخر قصد تقديم نفسه للتصويت لاحقا في جلسة عامة”.

المصدر المتحدث لفت الانتباه إلى أن “مبديع حظي حينها بموافقة أغلب أعضاء الفريق النيابي والمكتب السياسي، لا سيما أن القانون يتيح دستوريا للمعارضة رئاسة لجنتين بالمجلس”، مؤكدا أن “من حقه أن يترشح، ومسطرة القضاء تظل مستقلة عن أي عمل تشريعي تمارسه لجنة العدل”، كما أنه “موضوع أبحاث وتحريات قضائية وليست تحقيقات أمام قاضي التحقيق مثلا”.

“القانون لا يمنع”!

“لا نريد تضخيم هذا الموضوع وجعله يأخذ أبعادا أكبر مما تم تحميله، بالنظر إلى أن المتهم حتى ولو افترضنا متابعته فهو يظل بريئا حتى تثبت إدانته التي للقضاء الكلمة الفصل فيها”، سجل المصدر الحركي ذاته مؤكدا أنه “لا يوجد في النظام الداخلي لمجلس النواب ولا القانون عامة ما يمنع الرجل من الترشح لرئاسة لجنة برلمانية باسم فريقه الذي نال مقعده البرلماني باسمه”.

وقلّل المتحدث من حجم “التهويل” الذي صاحَب انتخاب مبديع، مؤكدا أن “أولى جلسات لجنة العدل والتشريع تحت رئاسته مرت في ظروف جيدة شهدت تنويه الجميع به وتهنئته”، خاتما بأن “النقاش الحقيقي الذي يجب أن يُطرَح هو تعديل بعض بنود النظام الداخلي لمجلس النواب في ما يتعلق بأهلية المرشحين لرئاسة اللجان الدائمة”.