المعارضة الإسبانية تصف علاقات المغرب مع إسبانيا بأنها مبنية على الابتزاز

في استمرار لتجاذبات الآراء حول العلاقات المغربية الإسبانية، شهد البرلمان الإسباني اليوم الأربعاء مواجهة قوية بين رئيس الحكومة بيدرو سانشيز الذي وصف المغرب بالحليف والصديق، وأحزاب المعارضة واليسار الراديكالي المشارك في الائتلاف الحاكم الذي وصف المغرب بالدولة التي تمارس ضغوطا على مدريد في شتى القطاعات ومنها الصحراء المغربية.

و اعتبر بيدرو سانشيز في الجلسة البرلمانية المخصصة لشرح تداعيات الحرب في أوكرانيا والمجلس الأوروبي الأخير ونوعية العلاقات مع المغرب، أن العلاقات مع المغرب هامة للغاية وتحقق تقدما، وأوضح أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الرباط قبل سنة يشكل “توازنًا إيجابيًا” في مختلف القطاعات سواء الهجرة أو التبادل التجاري. مشددا في وصفه: “لقد فتحنا مرحلة جديدة على أسس راسخة تزيل الأزمات المتكررة مع دولة الجوار”.

وتابع سانشيز “أكثر من أي وقت مضى في تاريخ ديمقراطيتنا ، لدينا فرصة كبيرة لوضع العلاقات بين إسبانيا والمغرب في إطار تعاون حقيقي ومنفعة متبادلة، علاقة تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم اتخاذ إجراءات أحادية الجانب والامتثال المنتظم للاتفاقات الموقعة بين الطرفين”، وأشار أن إسبانيا والمغرب تبنيا في أبريل 2022 “خارطة طريق ذات أهداف واضحة” ومنذ ذلك الحين، “حقق العمل المنجز خلال العام الماضي توازنًا إيجابيًا للغاية”.

كما استعرض الاتفاقيات التي جرى توقيعها في قمة رئيسي حكومتي البلدين يوم فاتح فبراير الماضي، واستشهد بأرقام الهجرة غير القانونية التي تراجعت من شواطئ المغرب نحو إسبانيا، ثم ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين، وأبرز سانشيز متحدثا عن سبتة ومليلية “فتح الحدود بين المدينتين والمغرب”، مشيرا إلى العودة المرتقبة للنشاط التجاري عبر إرساء “جمارك بمعايير دولية”.

إلا أن أحزاب المعارضة كان لها رأي آخر مخالف، وأبرزها حزب بوديموس المشارك في الائتلاف الحكومي، وأحزاب المعارضة مثل الحزب الشعبي المحافظ، وحزب فوكس المتطرف، فقد رفض حزب بوديموس المشارك في الائتلاف الحكومي ما وصفها ب”ادعاءات التفاهم” التي قدمها رئيس الحكومة حول المغرب، وكذلك قدمت أحزاب المعارضة خطابا مختلفا مفاده وجود اتفاقيات سرية بين بيدرو سانشيز والملك محمد السادس.

وطالب الناطق باسم حزب بوديموس بضرورة العودة الى تأييد تقرير المصير في نزاع الصحراء، وهو الموقف الذي تبنته غالبية الأحزاب في البرلمان، كما ذهب حزب اليسار الجمهوري الكتالوني التي يوفر النصاب القانوني للحكومة في البرلمان؛ إلى التساؤل عن دور المغرب في التجسس على هواتف المسؤولين الإسبان ومنهم رئيس الحكومة، وبالتالي يقوم المغرب بالابتزاز، كما ذهب الحزب القومي الباسكي لنفس الموقف.

واتهم زعيم حزب فوكس، سانتياغو أباسكال رئيس الحكومة “بالاستسلام” للمغرب ، وطالب بمعرفة “الأسرار” التي وقعها مع الملك محمد السادس، وتساءل هل يمتلك المغرب قوة اختيار وزراء حكومة إسبانيا، في إشارة إلى رواية ضغط الرباط على مدريد لتغيير وزيرة الخارجية أرانشا غونثاليث آيالا.

وطرحت الناطقة باسم الحزب الشعبي المتزعم للمعارضة كوكا جمارا بدورها قضية إقالة وزيرة الخارجية السابقة بطلب من المغرب، مشيرة إلى أن الحكومة ترفض حتى الآن تقديم توضيحات حول التغيير الذي حصل في الموقف الكلاسيكي بشأن نزاع الصحراء المغربية.

وكانت جريدة كونفدنسيال قد نشرت هذا الأربعاء، مضمون تقرير للمخابرات الإسبانية يتحدث عن اجتماع سري بين الرباط ومدريد يوم 2 يوليوز 2021، طالبت فيه الرباط بضرورة إقالة وزيرة خارجية إسبانيا كشرط لاستعادة العلاقات الثنائية، حيث كانت أرانشا تدلي بتصريحات نارية ضد المغرب في أزمة صيف 2021.

وتعد جلسة البرلمان الإسباني اليوم من الجلسات المتوترة حول العلاقات مع المغرب خلال السنوات الأخيرة، وتبرز الانقسام الحاصل في المشهد السياسي بين جزء من الائتلاف الحكومي بزعامة الحزب الاشتراكي الذي يتبنى الحوار مع الرباط، وأحزاب أخرى ترى في المغرب شريكا يبتز إسبانيا من خلال ملفات مثل سبتة ومليلية والهجرة.