طفلة تيفلت” محكمة الاستئناف توزع 40 سنة على 3 متهمين بالاغتصاب

قضت محكمة الاستئناف بالرباط بالسجن عشر سنوات في حق متهمين اثنين، وعشرين سنة في حق المتهم الثالث مع رفع مبلغ التعويض إلى أربعين ألف درهم يؤديها المتهمان الأولان، و60 ألف درهم للمتهم الثالث.

يأتي هذا الحكم خلال ثاني جلسات استئناف الحكم في قضية الطفلة سناء، التي انطلقت عند منتصف أمس الخميس ودامت تسع ساعات إلى غاية الساعة الأولى من يوم الجمعة.

وعرفت أطوار المحاكمة التي تم إيقافها لساعتين، وتم استئنافها بعد صلاة المغرب، مستجدات هامة، تمثلت أساسا في تراجع الشاهدة عن مجمل أقوالها، وعن تقديم النيابة العامة لملتمس يقضي بأن تتولى وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة رعاية طفلة تيفلت وابنها إلى حين استكمال كل منهما سن الرشد.

وجاء ذلك بعد استماع القاضي لكافة الأطراف و موافقته على ملتمس آخر لممثل النيابة العامة يقضي بالاستماع للضحية والشاهدة في جلسة سرية، وهو ما تم بحضور مساعدة اجتماعية.
ورفض القاضي ملتمسات دفاع الضحية بإعادة تكييف الأفعال المنسوبة المتهمين وإخراجها من نطاق الفصول471، و485، و488، وتبويبها مع الفصول 486 و487، حيث برر دفاع الضحية ملتمساته اعتبارا لكون الأحداث المرتكبة لا تتعلق بهتك العرض أو محاولة ذلك، وإنما تتعلق بعملية جنيسة كاملة ارتكبت بشكل متكرر من قبل جميع المتهمين وبالتالي أمام جريمة اغتصاب ومواقعة تامة، كما ورُفض ملتمس تصحيح المسطرة.

كما رفضت المحكمة ملتمسات دفاع المتهمين الرامية إلى منع استماع النيابة العامة للشاهدة حتى لا يتم التأثير في أقوالها، وإلى تأخير الجلسة.

وأنكر المتهم الأول تهمة افتضاض بكرة القاصر ومواقعتها المتكررة من الأمام كما من الخلف، كما رفض ما أقرته الخبرة الجنية لدى الضابطة القضائية وأمام قاضي التحقيق، والتي أثبتت أن المولود من صلبه بنسبة 99,99.

وأنكر المتهم الثاني (ك.ع) قول الطفلة أنه اغتصابها تحت التهديد بعد أن أدخلها لمنزله وهو في حالة سكر، مستغلا غياب زوجته لحضورها حفل زفاف، كما أنكر تهديدها بالقتل حال بوحها بالأمر، واعتبر الوصف الدقيق لمنزله من قبل الطفلة أمرا عادي يمكن التوصل إليه من قبل الغير.

وتشبث المتهم الثالث (ي.ز) فتشبت بانكاره حُضورَه سرا لبيت الطفلة في أحد أيام الأربعاء واغتصابه إياها بمساعدة ابنة عمته (الشاهدة)، التي عملت على مراقبة محيط منزل الضحية أثناء قيام المتهم بالفعل الجنسي، كما أنكر تكرار الاغتصاب لعدة مرات أخرى.

وأثارت قضية الطفلة سناء، 12 سنة، جدلا في الرأي العام الوطني والدولي، حين أصدرت المحكمة الابتدائية حكما وصف بـ “الصادم”، وكان قضى فقط بسنتين في حق المتهمين الثلاثة، رغم أن الخبرة الجينية أثبتت أن واحدا من المغتصبين هو أب طفلها (سنة وأربعة أشهر) بنسبة 99 في المائة.

وشدد المحامي محمد الصباري على أن “الملف فيه معارك أخرى، على رأسها معركة إثبات نسب الطفل الذي نتج عن هذا الاغتصاب”.

وقررت المحكمة فتح تحقيق مع طفلة شاهدة، ويتعلق الأمر بقريبة أحد المتهمين التي قالت الضحية إنها كانت حاضرة أثناء تعرضها للاغتصاب، بعدما استمعت للطفلة سناء رفقة الشاهدة في جلسة سرية، أكدت خلالها سناء تعرضها للاغتصاب.
وفي هذا الصدد قال ممثل النيابة العامة إن الشاهدة “رغم تراجعها عن شهادتها إلا أنها موضوع مطالبة بإجراء تحقيق”.

وقال مولاي سعيد العلوي، محامي الضحية، إنه تقرر فتح ملف تحقيق في حق الشاهدة، “التي عوض أن تكون صديقة وشريكة للضحية في اللعب هي طرف أصيل في ارتكاب الجرائم”.

وطالبت النيابة العامة خلال أطوار الجلسة الطويلة في مداخلتها؛ بتنزيل أقصى العقوبات على المتهمين، متحدثة عما أسمتها المحاور الثلاثة للقضية: “الطفلة الضحية، والأدلة والشهود، والقرار الجنائي الابتدائي”.

وقال ممثل النيابة العامة: “الجناة مذنبون أمام الله والمجتمع ولا عذر لهم”، ملتمسا “عقوبة رادعة زاجرة”، و”الرحمة لطفلة أعدمت طفولتها..  والرحمة لمجتمع يئن وينتظر الحكم العادل الزاجر”، وتابع: “ألتمس تعديل الحكم الجنائي الابتدائي والقول بأقصى العقوبات..ولو كان النص يسعفني لالتمست الإعدام”.

وأشار ممثل النيابة العامة أن ما تعرضت له الطفلة سناء “أمر مؤلم ينفطر له القلب”، وأن “الأدلة ساطعة سطوع الشمس في السماء”، مستدلا بالخبرة الجينية التي تعتبر “دليلا علميا لا يمكن دحضه”، وزاد أن “إنكار المتهم ما هو إلا تملص من العقاب”.

كما تحدث المسؤول القضائي ذاته عن كون الطفلة “تنحدر من أسرة فقيرة ولها معاناة كبيرة وقد استقوى عليها المتهمون الثلاثة”، مؤكدا الاختلاف مع المحكمة الابتدائية في تقدير العقوبة، وضاربا المثال بقضية سابقة في قاعة الجلسة نفسها، رفعت حكما ابتدائيا من 12 إلى 25 سنة.

ولم تخل المحاكمة من مرافعات حقوقية ومطالب جمعيات المجتمع المدني بضرورة تعديل مدونة الأسرة ومنظومة القانون الجنائي، معتبرة أن قانون محاربة العنف ضد النساء لم يضمن الحماية الكاملة للنساء والفتيات.

وقال مولاي سعيد العلوي، المحامي بهيئة الدار البيضاء، إن القضية جاءت في وقت “يعيش المغرب رجة قوية ونقاشا مجتمعيا في أعلى المستويات لإصلاح عدة قوانين، منها مدونة الأسرة والقانون الجنائي”، مذكرا بأن “القضاء هو ملاذ للجميع، وخاصة الضحية”، وزاد: “الجرم ليس في حق سناء بل أيضا في حق المجتمع”.

يذكر أن دفاع المتهمين تحدث عما أسماه “الضغط من وسائل الإعلام والمجتمع المدني والنيابة العامة”، قائلا إن على “المشرع المغربي التدخل في أي قضية حتى لا يتم التشويش عليها”، ملتمسا البراءة لموكليه من خلال القيام بقراءة في التصريحات.