تسيب والي الدارالبيضاء احميدوش وعامل الوكالة الحضرية بنعلي ومن معهم أمام الزيارة الملكية!؟

مراد بورجى

لم يعد عجَبا ولا عُجابا أن يرصد البيضاويون كيف يفكر كل من والي جهة الدارالبيضاء سطات، سعيد احميدوش، ومدير الوكالة الحضرية، العامل توفيق بنعلي، وكيف يخطّطان للتناور والتدليس على عاهل البلاد، في محاولة لإخفاء “الصفحات السوداء” التي تلطّخ وجه مدينة الدارالبيضاء كلما تحسّسا أو علما أن الملك محمد السادس يستعد لزيارة العاصمة الاقتصادية…

مخطط الوالي والعامل يلخّصه المثل المغربي الدارج الذي يقول: “ألمزوق من برا أش خبارك من الداخل”، لأن كل ما يملكانه هو “التزويق”، الذي سرعان ما يختفي ويندثر، وهذا ما يجري حاليا وككل مرة في الدارالبيضاء: أشغال “تزواق” على قدم وساق، محاولات يائسة لإزالة القاذورات، عمليات تنظيف وتبييض وتجيير وتصبيغ، مع عمليات تبليط لإخفاء مظاهر الهشاشة في إنجاز أوراش البنيات التحتية الأساسية، مع عمليات “تعشيب” أخضر وزرعٍ لأزهار وأشجار تنبت فجأة في الشوارع والساحات… إنه مخطط “المغرب اليابس” المتلوّن بالأخضر، في تخطيط يائس للتغطية على واقع التدهور الشامل، الذي يهدّد مكانة وحاضر ومستقبل أكبر مدينة في البلاد وعُصْب الاقتصاد… إنه واقع المشاريع المتوقفة أو المعرقلة أو المتعثّرة، الذي يعتبر، على نطاق واسع، هو السبب وراء التأجيلات المتعددة للزيارة الملكية، إلى درجة أن الملك، الذي طالما أكد حبّه للدارالبيضاء، والذي لم تكن تمر سوى فترات معدودة حتى يعاود زيارتها، ويتجوّل في مختلف أرجائها، ويتفقّد مسارات أوراشها ومآلات مشاريعها، نجد غيابه عن هذه المدينة طال، لأول مرة وبشكل غير مسبوق، حوالي ثلاث سنوات…

لا يبدو أن الوالي احميدوش والعامل بنعلي يدركان أن الملك، اليوم، ليس في حاجة لمظاهر التزيين والتزواق، الملك في حاجة إلى داربيضاء أخرى، داربيضاء جميلة وبهية وشامخة بأوراش تنموية موصولة ومتواصلة، ترى النور تباعا على أرض الواقع وليس مجرّد “كروكيات” على الورق، خصوصا أن البيضاويين بالخصوص، وجميع المغاربة على العموم، ينتظرون مشاريع كبيرة ومنتجة للدخل ولمناصب شغل، وحيوية لحياة السكان الصحية والاجتماعية والثقافية والتربوية…

لكن معضلة الدارالبيضاء اليوم أن معظم مشاريعها مازالت تعاني الانحباس، ولذلك، وبقدر تضاعف معاناة السكان، بقدر تعاظم انتظاراتهم وآمالهم في أن تكون الزيارة المرتقبة للملك محمد السادس منعطفا نوعيا يضع حدّا للتدبير المتعثّر والفاشل، الذي ينهجه الوالي احميدوش، والعامل بنعلي، ومعهما عمدة “آخر الزمان” نبيلة الرميلي، والذي كشفت المعطيات المتوفّرة أنه تدبير يناقض التوجيهات الملكية بخصوص استثمارات الخواص، وبخصوص مصالح السكان، والأمثلة أصبحت معروفة لدى الخاص والعام إن لم تصبح أشهر من نار على علم كما يُقال، لعلّ أبرزها، تمثيلا لا حصرا، القضية المعروفة باسم “ضحايا رخص الاستثناء” و”ضحايا المباني الأثرية المزعومة”، وما تخلّلها من تواطؤ الوالي والعامل في تدبيج تقارير “مخدومة”، إن لم نقل إنها تقارير تضمنت معطيات كاذبة رُفعت إلى القصر، كان من نتيجتها إقالة عامل مقاطعات الدارالبيضاء-أنفا السابق، رشيد اعفيرات، بناء على مزاعم تضليلية تفيد أنه رخّص لهدم بنايات ذات صبغة أثرية…، فضلا عمّا رافقها من إجراءات تعسفية راح ضحيتها عشرات المستثمرين، مما حوّل مدينة الدارالبيضاء إلى “مقبرة” حقيقية للمشاريع الاستثمارية…

لقد أضحى الرأي العام البيضاوي والوطني على بيّنة من حقيقة هذه القضية، التي مازالت توجد على صفيح ساخن وقابلة للانفجار في كل وقت وحين، وأن التقارير، التي يستند إليها كل من الوالي والعامل، هي تقارير “مفبركة”، مارس فيها مسؤولو الدارالبيضاء التناور والتضليل على الملك وعلى المستثمرين وعلى السكان، لتبرير قراراتهم الفادحة بتوقيف مشاريع “ضحايا رخص الاستثناء” و”ضحايا المباني الأثرية المزعومة”، رغم توفرهم على كل التراخيص القانونية…

لكل ذلك، يتطلّع البيضاويون والمستثمرون، بكثير من الأمل، إلى الزيارة الملكية المرتقبة إلى الدارالبيضاء لتنقذهم من براثن الوالي احميدوش ومدير وكالته الحضرية العامل توفيق بنعلي، وتفتح أمامهم أبواب تفعيل وتنفيذ العديد من المشاريع الحيوية، التي طال انتظارها، دون أن ترى النور بسبب سوء التسيير وفشل التدبير، و”عجرفة” و”تعالي” هذين الموظفين بالذات، في “تآمرهما” على عشرات المستثمرين ممن تفننا في استنزافهم عبر وضع العراقيل أمام مشاريعهم لأكثر من ثلاث سنوات لحد الآن دون وجه حق، بل الأدهى من كل ذلك إصرارهما على تحقير عدة أحكام قضائية صادرة ضدهما، وعلى العرقلة “المتعمّدة” أمام تنفيذ التوجيهات والأوامر الملكية بخصوص دعم الاستثمار والمستثمرين.

العجب العجاب، هو ما سيصادفه الملك محمد السادس خلال زيارته المرتقبة للدارالبيضاء، حينما سيقف على كل هذا التسيب، وهذا الشطط في استعمال السلطة، وحينما يعلم بما فعله هذان المسؤولان بمواطنين مغاربة ذنبهم الوحيد هو أنهم يُحبون بلدهم، وفكّروا في الاستثمار فيه، خصوصًا المشاركة في تنمية العاصمة الاقتصادية للمملكة، وهم يسمعون ملك البلاد “يُلحّ” على السلطات من أجل تبسيط الإجراءات الإدارية وإزالة العوائق التقليدية التي تعترض الاستثمار.

هؤلاء المستثمرون سيصطدمون بكل أشكال وأنواع العرقلة الممنهجة والمقصودة، لأن من يتولى أمر تسيير الدارالبيضاء اليوم “جبابرة” مثل الوالي احميدوش والعامل بنعلي، ينضاف إليهما رئيس المركز الجهوي للاستثمار لجهة الدارالبيضاء-سطات، الذي وجه له الملك محمد السادس أمرًا مباشرًا، في خطابه الأخير حول الاستثمار، إذ طالبه الملك بـ”الإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل، والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود”، إلاّ أن هذا الأخير مازال يتجاهل هذا الأمر الملكي الذي ورد في خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، يوم 14 أكتوبر الماضي…
وهو الشيء نفسه الذي نهجه وينهجه الوالي والعامل، اللذان يستاء العديد من المُستثمرين من ذكر اسميهما، رغم أن ملك البلاد كان يحثهما، هما وباقي مسؤولي الدارالبيضاء، وفي كل مناسبة، على دعم استثمار الخواص، وقد تجسد ذلك في العديد من الخطابات الملكية السامية، وكان آخرها في خطاب السنة التشريعية الحالية، حيث أمر الملك هذين “الجبّارين” ومن معهما بدعم المقاولة، التي أشار إليها بالقول إنه: “ينبغي أن تحظى بالدعم اللازم، من طرف جميع المتدخلين، سواء على الصعيد المركزي أو الترابي”، إلاّ أن هؤلاء مازالوا يتمردون على الأوامر الملكية، إلى حد أن جعلوا من أنفسهم أمامها {صُمّ بُكْم عُمْي فَهُمْ لَا يًعْقِلون}…

يُتبع…