تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالمغرب

نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، أمس الاثنين، لتكشف عن خروقات وانتهاكات تؤكد وتتجاوز ما جاء في تقرير البرلمان الأوروبي الذي أثار جدلا في الأوساط المغربية.


هذا حيث عالج التقرير وضعية السجناء في المغرب وخروقات التعذيب والمعاملة السيئة، إضافة للقيود الخطيرة المفروضة على حرية التعبير والإعلام ؛بما في ذلك الاعتقالات غير المبررة و محاكمات الصحفيين، كما تحدث عن الرقابة والإنفاذ أو التهديد بفرض التشهير الجنائي للحد من التعبير ، والتدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية، كذلك تناول التدخل الجوهري في حرية التجمع وحرية تكوين الجمعيات، و الفساد الحكومي، والافتقار إلى التحقيق والمساءلة بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي وعدة مواضيع أخرى تتعلق بأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب.


وقد أبرز التقرير فيما يتعلق بالتعذيب و أشكال المعاملة القاسية و المهينة، أن التحقيقات في انتهاكات الشرطة وقوات الأمن ومراكز الاحتجاز التي تجربها الحكومة المغربية؛ تفتقر إلى الشفافية وكثيراً ما واجهت تأخيرات طويلة وعقبات إجرائية ساهمت في الإفلات من العقاب.


وقالت الخارجية الأمريكية أنه رغم حظر الدستور والقانون المغربيين لمثل هذه الأساليب، إلا أن عدة تقارير موثوقة تفيد بأن المسؤولين الحكوميين استخدموها، حيث أن المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية واصلت الإبلاغ عن سوء معاملة الأفراد وتعريضهم للتعذيب في الحجز الرسمي بالمغرب.


وأبرز التقرير أن النيابة العامة تلقت سبع شكاوى تتضمن مزاعم بالتعذيب بين يناير وشتنبر 2022، وبحلول نهاية العام كانت هناك شكوى واحدة في مرحلة الاكتشاف وجمع الأدلة، وكانت خمس حالات قيد التحقيق، وتم إغلاق شكوى واحدة.
وبحسب الحكومة المغربية، قامت النيابة العامة خلال العام الماضي بمحاكمة تسعة من ضباط الشرطة بتهمة استخدام العنف، وكانوا ينتظرون الحكم في قضاياهم، حيث تم التحقيق مع ثلاثة من ضباط الشرطة بسبب الاستخدام المفرط للقوة ضد أحد المعتقلين، ومن ثم تَمّ منحهم إجازة إدارية، كما خضع ثلاثة ضباط شرطة آخرين للتحقيق الإداري بتهمة إساءة معاملة المعتقلين، لكن لم تقدم الحكومة أي تفاصيل إضافية عن هذه الحالات.

كما أشار التقرير، في فقرة الاعتقال التعسفي، إلى أن قوات الأمن في كثير من الأحيان تعتقل مجموعات من الأفراد لأسباب مختلفة، وتقتادهم إلى مركز للشرطة، وتستجوبهم لعدة ساعات، قبل أن تفرج عنهم دون توجيه أي تهم إليهم.
ويؤكد التقرير أنه  بموجب القانون الجنائي المغربي، فإن أي موظف عمومي يأمر باحتجاز تعسفي يمكن أن يُعاقب بخفض رتبته ، وإذا تم ذلك لمصلحة خاصة، فإنه يُعاقب بالسجن لمدة 10 سنوات إلى مدى الحياة.


وقد أكد النشطاء أن الحكومة نفذت اعتقالات تعسفية مرتبطة بإنفاذ بروتوكول الطوارئ الصحية بسبب قيود كوفيد 19، لكن لم يتم التحقيق مع أي مسؤول أمني على هذا الأساس، ولم يكن هناك تقرير رسمي عن تطبيق هذه الأحكام خلال السنة الماضية، وفق ماجاء في نفس التقرير.


أما فيما يخص حرية الرأي والتعبير فإن الحكومة المغربية قد أبلغت أنها حاكمت 631 شخصًا في المحاكم الجنائية بسبب تصريحات تم الإدلاء بها أو أعلن عنها أو نُشرت، بما في ذلك 32 قضية جنائية ضد صحفيين. كما أفادت الحكومة أنها أوقفت خلال عام 2020 ستة جرائد إلكترونية بسبب ما أسمته انتهاكا لقانون الصحافة والنشر.

وحسب التقرير فقد فرضت الحكومة المغربية إجراءات صارمة تحد من اجتماعات الصحفيين مع ممثلي المنظمات غير الحكومية والنشطاء السياسيين، حيث يُطلب من الصحفيين الأجانب الحصول على موافقة وزارة الثقافة والشباب والرياضة قبل مقابلة النشطاء السياسيين، وهو ما لا يحصلون عليه دائمًا.


وحسب نفس الوثيقة فقد وردت تقارير متعددة عن اعتقالات واتهامات بسبب نشاط على وسائل التواصل الاجتماعي إذ في 29 أبريل ، حوكمت الناشطة سعيدة العلمي وأدينت بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد فيها حملة الحكومة على النشطاء والصحفيين وتندد بمضايقاتها من قبل الشرطة، بحسب منظمة العفو الدولية، ووُجهت إليها تهمة ازدراء أوامر قضائية، وإهانة مؤسسة دستورية، وإهانة موظفين عموميين في أداء واجباتهم، ونشر وقائع كاذبة.


وأفاد الصحفيين المغاربة وفقًا للتقرير الأمريكي أن الملاحقات القضائية الانتقائية تعمل كآلية للترهيب، وقدم تقرير لهيومان رايتس ووتش في يوليو تفاصيل عن المضايقات المستمرة للصحفيين، بمن فيهم عمر الراضي، الذي تم اعتقاله وإدانته في عام 2021 بالتجسس والاغتصاب، وذكرت مؤسسة كلوني للعدالة أن المحاكمة “تحمل بصمات عملية غير عادلة، حيث حرمت المحكمة الراضي من فرصة تقديم أدلة في دفاعه دون إبداء أسباب”.

وفي يوم 3 مارس رفضت محكمة استئناف الدار البيضاء استئناف الراضي ضد الحكم الصادر بحقه بالسجن 6 سنوات، حيث قالت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الراضي، الصحفي الاستقصائي، قد”اعتُقل وحوكم وأدين بتغريدة، وتعرض هاتفه الذكي للاختراق بواسطة برامج التجسس، وكان موضوع حملة تشهير واسعة النطاق ضده من قبل وسائل الإعلام المتحالفة مع الدولة، وعانى من حالة جسدية مريبة”.

واستدرك التقرير أن الصحفيين المغاربة استمروا في شجب الإجراءات الإدارية المرهقة وفترات الانتظار الطويلة للحصول على الاعتماد بموجب قانون الصحافة، وزعم بعض الصحفيين أن زملاءهم من وسائل الإعلام الموالية للحكومة يتلقون أوراق اعتمادهم بشكل أسرع من الصحفيين في وسائل الإعلام المستقلة، كما أشاروا إلى أن الصحفيين الذين ينتظرون اعتمادهم يجب أن يعملوا في وضع قانوني غامض، دون أن تكون لهم حماية من قانون الصحافة تتاح فقط للصحفيين المعتمدين، مما يجعلهم عرضة للمحاكمة بقوانين لا تضمن لهم حقهم في التعبير كصحفيين مهنيين.


وقد تحدث التقرير الأمريكي عن أوضاع حقوق الإنسان بالصحراء المغربية، حيث وردت باسم”الصحراء الغربية”، و قد دافع التقرير عن ما يسمى بالمعتقلين الصحراويين إثر تعرضهم للتعسف والتعذيب في السجون.

وإثر كل ما جاء في هذا التقرير الذي يخص أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، والصادر عن الخارجية الأمريكية، نطرح السؤال هل ستقوم الحكومة المغربية ووزارة الخارجية بالرد عليه كما تم الرد ب”قوة” على قرار وتوصية البرلمان الأوروبي الذي كان قد أثار زوبعة، أم أنه سيقابل بالصمت رغم أن ما جاء فيه أكبر مما قيل في توصية البرلمان الأوروبي.