خالد البكاري يكتب :لن اتحدث عن اقتصار وقف التصدير على السوق الإفريقية مما يجعل القرار مشوبا بالاحتقار

تروج منابر تسوق لنفسها أنها قريبة من مطابخ صنع القرارات، على أن الحكومة اتخذت قرار وقف تصدير الخضر التي عرفت أسعارها ارتفاعات كبيرة نحو السوق الإفريقية.

وتورد هذا الخبر على لسان من تسميهم مصادر رسمية، دون أي تكذيب من الجهات المعنية.

لن اتحدث عن اقتصار وقف التصدير على السوق الإفريقية، مما يجعل القرار مشوبا بالاحتقار، غير المتناسب مع ادعاء “العمق الإفريقي” وخيار “رابح-رابح” مع دول الجنوب، وقد كتب الصديق يونس مسكين Younes Masskine تدوينة معبرة في هذا الاتجاه.

سأضيف نقطتين اراهما بالغتي الدلالة:

الأولى تتعلق بأن ارتفاع الأسعار ليس سببه هو موجات الصقيع، أو الوسطاء، وإن كان هؤلاء الأخيرين مؤثرين، ولكنهم محميون، ودعك من الخرجات الفلكلورية لرجال السلطة لمراقبة الأسعار في زمن تحريرها “قانونيا”، بل السبب الأساس هو ارتفاع نسبة التصدير نحو الأسواق الأوروبية والروسية والخليجية والإفريقية، ارتفاعا غير مسبوق، لم يراعي حاجيات السوق المحلية، وبالتالي فمصلحة “الدوماليين” الفلاحيين الكبار، هي أولى في زمن زواج السلطة والثروة من تأمين الحد الأدنى من احتياجات المواطنين، والتي لها علاقة بالأمن الغذائي. مع العلم أن ما يمكن أن نربحه من عمليات التصدير هذه لم يعد يكفي لتغطية تكلفة استيراد الحبوب والزيوت، دون الحديث عن الهدر/ الاستنزاف المائي ( هدر استراتيجي)، واستفادة كبار الفلاحين المصدرين من دعم الغاز من صندوق المقاصة لاغراض ربحية خاصة، مما يطرح سؤال: لمصلحة من يتم إقرار السياسات الفلاحية الحالية؟

الثاني: الاقتصار على وقف التصدير نحو السوق الأفريقية، مرتبط بأمرين:
الأول أن تلك المنتوجات الفلاحية الموجهة لتلك السوق لا تخضع لمعايير المراقبة الصارمة، كما هو الحال مع الأسواق الأوروبية والخليجية، وبالتالي ستتم إعادة ترويج منتجات في عرف المسؤولين لا يمكن أن يستهلكها سوى المواطن المغربي أو الإفريقي، إنه احتقار مضاعف.

الثاني: أنه حين يكون الاختيار بين الوفاء للالتزامات مع الشركاء الخليجيين أو الأوروبيين، والوفاء للالتزامات مع الشريك الإفريقي فطبعا تتم التضحية بهذا الأخير.

ودعك من حكاية العمق الإفريقي، وشراكة الند للند مع كبار العالم..

درس “ماطيشة” كاف لاستيعاب أننا لا نسوى “بصلة” في ميزان مسؤولينا،،، لقد باعونا “بطاطا”.

ويحصل أحيانا أن نكون أقل من “بصلة”.

بس: في حكاية اللحم، قالوا لنا إنهم سيحذفون الرسوم الجمركية عن الأبقار المستوردة لخفض الأسعار.

لقد تركوا الفلاحين الصغار يواجهون توالي سنوات الجفاف، وغلاء الأعلاف، ودعك من ادعاءات الدعم الهزيل، حتى إذا عجز القطيع المحلي عن تأمين السوق الوطني، لجأوا للاستيراد الذي سيستقيد منه “الدوماليون” مرة اخرى، سيستوردون دون أداء رسوم جمركية.

وسيسوقون لنا أن الأمر ضروري لخفض الاسعار، يخلقون مشكلا، ويتركونه يتفاقم، ثم لا يبقى من حل، إلا ما يخدم مصلحتهم، هل سيستطيع مربو الماشية الصغار مواجهة منافسة الأبقار المستوردة؟.

إنهم يربحون وهم يصدرون، ولو على حساب الأمن الغذائي وجيوب المواطنين، ، ويربحون وهم يستوردون مستغلين إلغاء الرسوم الجمركية على حساب الفلاحين ومربي الماشية الصغار..

إنها الافتراسية.. الافتراسية التي تستغل كل أزمة سواء كانت وبائية أو طاقية أو بسبب حروب لمراكمة الثروات، دون أي حس وطني أو إنساني أو تضامني.

خالد البكاري