اللغة الأمازيغية من أولويات الوثيقة الدستورية بالمغرب “سلسلة2”

مراد علوي باحث في القانون الإداري و المالي جامعة محمد الخامس بالرباط أكدال

مكتسبات مهمة للترصيد :
يعتبر دستور 2011، بمنزلة الوثيقة المهمة في مسار تعزيز حضور الأمازيغية وتحصين
إدماجها في الفضاء العام، حيث نص الفصل 5 من الدستور على أن “الأمازيغية تُعد أيضًا لغة
رسمية للدولة، باعتبارها رصيدًا مشتركًا لجميع المغاربة من دون استثناء، ويحدد قانون
تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم، وفي
مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلًا بوظيفتها بصفتها لغة
رسمية”(11). كما جرى بموجب الدستور إصدار القانون التنظيمي 26.16 المتعلق “بتحديد
مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات
الحياة العامة ذات الأولوية”. وقد تضمن إجراءات مهمة ستسهم في عملية الإدماج القوي
والفعلي للأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة وفي المجالات الحيوية، كالتعليم والإعلام
والقضاء وغيرها. كما جرى أيضًا بموجب الدستور إصدار القانون التنظيمي 04.16 المتعلق
بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والذي يعتبر مؤسسة وطنية مرجعية في مجال
السياسة اللغوية والثقافية. كما تضمن القانون، الإطار رقم 51.17، إجراءات مهمة في مجال
تعزيز وضع الأمازيغية في مجال التعليم كمجال استراتيجي؛ حيث نصَّ على تطوير وضع
اللغة الأمازيغية في المدرسة، ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع أحكام الدستور،
باعتبارها لغة رسمية للدولة، ورصيدًا مشتركًا لكل المغاربة بدون استثناء. كما أن من بين
الوثائق المرجعية في هذا الصدد، يمكن التذكير بما تضمنه البرنامج الحكومي لكل من
الولايتين الحكوميتين 2012-2016، و2017-2021.
وتأتي وجاهة استحضار هذين البرنامجين دون غيرهما، من سبب رئيس هو أن الأمازيغية
اكتسبت صفة اللغة الرسمية في دستور 2011، لذا سنحاول مساءلة ما تضمَّنه كل من
البرنامجين لتنزيل هذا المعطى الدستوري المهم. لقد نص البرنامج الحكومي للولاية الأولى
2012-2016(12)، في النقطة الثانية من المحور الأول الخاص بـ”تعزيز الهوية الوطنية
الموحَّدة وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها والانفتاح على الثقافات والحضارات”، (نص) على
“إطلاق سياسة لغوية مندمجة لتقوية النسيج اللغوي الوطني والانفتاح على اللغات الأجنبية،

اللغة الأمازيغية من أولويات الوثيقة الدستورية بالمغرب

انطلاقًا مما أقرَّه الدستور من توجهات واضحة في هذا المجال تقتضي تنزيلًا تشاركيًّا يرتكز
على تقوية اللغتين الوطنيتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، في إطار يحفظ الوحدة
ويضمن التنوع وذلك بالعمل على تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية عبر وضع قانون
تنظيمي يحدد كيفيات إدراج الأمازيغية وإدماجها في التعليم والحياة العامة.

كل هذا مع صيانة المكتسبات المحققة ووفق جدولة زمنية تراعي المجالات ذات الأولوية،
واعتماد منهجية تشاركية مع مختلف الفاعلين في مجال النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين،
مع تعزيز دور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية باعتباره مؤسسة وطنية فاعلة في هذا المجال،
وإعادة النظر في اختصاصاته على ضوء إحداث المجلس الوطني للغات والثقافات المغربية.
أما البرنامج الحكومي للولاية الحكومية 2017-2021(13)، فقد أكد في النقطة السابعة من
المحور الرابع الخاص بتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، على “تفعيل
الطابع الرسمي للغة الأمازيغية للقيام بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية، عبر اعتماد القانون
التنظيمي المتعلق بها والإسراع في تنزيله وفق منهجية تشاركية مع مختلف الفاعلين في مجال
النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، وتعزيز المكتسبات في مجال النهوض بالأمازيغية في
التعليم والإعلام”.