بدء الحكاية

شامة درشول

يمكن بدء الحكاية منذ وفاة زايد الأب، تاركا 19 ابنا، بينهم 6 إخوة أشقاء يحملون في دواخلهم حقدا تاريخيا على السعودية، الجارة، والمملكة الدينية التي تعرقل طموح “الأعراب”، نحو منطقة ليبرالية، متحررة من الدين الإسلامي، ويحملون أيضا “عقدة التاريخ” تجاه المغرب، المملكة الدينية أيضا، والتي ساهمت في إنشاء دولة زايد، وظلت بصمة التاريخ حاضرة في عملة الدرهم.

ويمكن بدء الحكاية من تاريخ صعود العدالة والتنمية الى الحكومة، ورغبة عيال زايد اعادة سيناريو مصر بالمغرب، تحت شعار”لا بمكن ان نتخلص منهم في مصر، فنجدهم في المغرب، البلد الذي نعتبره “مِلكنا”.

ويمكن أيضا بدء الحكاية من صعود نجم طحنون بن زايد، مستشارا للأمن القومي، ورغبته في التخلص من عقدة المغرب، وان الجيش، والمخابرات، والأمن المغربي، هم من أشرفوا على تأسيس الأجهزة الأمنية، والاستخباراتية، والعسكرية لدولة الإمارات، ويسعى طحنون صحبة إخوته منصور، وعبد الله، وهزاع، بمباركة من أخيهم محمد، الى التخلص من هذه العقدة المغربية، ب”اللعب على أرض المغرب وفي كل مكان به مصالح المغرب.

للحكاية، زوايا متعددة، كلها تؤدي إلى أبوظبي، لكننا سنختار الزاوية الأقرب تاريخا، حين قرر الإخوة زعيتر، وبعد سنوات قليلة من “زرعهم إماراتيا” ب “المشور السعيد”، إنشاء موقع إلكتروني، يدافع على يكون صوت لهم، مدافعا على مصالحهم، مثلهم مثل اغلب السياسيين، ورجال الأعمال، وكل من يبحث عن السلطة، او الحماية من السلطة، باستعمال سلطة الإعلام.

لكنهم سيواجهون مشكلة، وهي رغم كل نفوذهم، صعب عليهم إيجاد من يتكلف بهذه المهمة، لذلك لجأوا إلى صديقهم، الذي يتسارك معهم نفس الانتماء الجغرافي، ونفس الانتماء الألماني، وسيعينونه منسقا خاصا للعلاقات العامة للإخوة زعيتر، ويبدو أن إقامته المجانية بفندق Sofitel، واحضاره لممتهني الدعارة من المثليين الى اقامته به، وعلاقاته بعدد من الصحفيين الذين يقاسمونه نفس الانتماء الجغرافي، ومنهم من يقاسمه الانتماء الى “الجالية”، هيج شهوة السلطة في دواخله، فاستبدت به، حتى صار يقدم نفسه “مدير الديوان الأميري لآل زعييتر”!!

لكن الكابوس، سيبدأ حين سيشعر الزعتريون بأن هناك من بدأ ينافسهم على هذا التقارب، ويهدد حظوتهم، في قصر الرباط فيخرجون من قصور أبوظبي، وكان من بين هؤلاء “المرشحين” طوطو إذ لفت إليه الأنظار بحضور ولي العهد إحدى حفلاته، فما كان من الزعتريين الا اصدار تعليماتهم الى غلامهم، الذي لم يجد امامه سوى “ابن المنطقة والمهجر”، والذي سارع بدوره الى اسداء الخدمة الى “الأمراء الجدد”.

ولأن طوطو ضحية الإدمان، والمحيط السيء، فقد راكم الكثير من الأخطاء والخطايا، فكان سهلا ان يقع ما خرج به صديق”مدير الديوان الأميري الزعيتري”، موقعا حسنا في نفوس العموم، دون أن ينتبه إلى ان الغرض لم يمكن “استنكار المنكر”، بل كان “إحباط” أي تقارب محتمل.

هل تنتهي الحكاية هنا؟

لا…

سيأتي المونديال، وستأتي معه ملحمة المنتخب الوطني. وستظهر أسماء يشهد بحسن خلقها، قبل كفاءتها الكروية، وستخرج صورة “الثنائي الاستخباراتي” وهما يتابعان واحدة من مباريات المنتخب، والتي يفتتحها المدرب الركراكي بقراءة سورة الفاتحة رفقة اللاعبين، وتنتهي بسجدة الشكر بتنظيم من أحد أطر المنتخب، (وليس من زكريا أبوخلال كما أشيع)، ويتوجه بعدها اللاعبون إلى أمهاتهم، وآبائهم، يقبلون رؤوسهم، ويتبركون بهم، في مشهد يختصر ما جاء هذه السنة في خطابات الملك عن إمارة المؤمنين، والأسرة، والجالية المغريية.

ملحمة المغرب في مونديال قطر، التي أظهر فيها المنتخب تشبثه بثواب الأ”الله، الوطن، الملك”، كانت صعقة أخرى، جعلت حاكم أبوظبي، وإخوته، يصبون جام غضبهم على غلمانهم في المغرب، وعلى رأسهم كبيرهم الذي نصب نفسه أميرا، ويقدم على أنه “سلفي”، وأنه نموذج “المسلم الأوروبي الصالح”.

سيغضب ال زايد وهم يرون الأموال الطائلة التي يقدمونها للجماعات اليمينية المتطرفة المسيحية في أوروبا من اجل تمويل حملات القضاء على “الإسلام الأوروبي” تذهب هباء، وان الشباب المسلم في أوروبا وعلى رأسهم أبناء المنتخب الوطني من المقيمين بالخارج، يسجدون، ويسبحون، ويحمدون، ويشكرون.

وسيزداد غضب عيال زايد بصورة الملك مع اللاعبين، وأمهاتهم، وبينهن امرأة منقبة، وسيستحضرون معها صورة الثنائي الاستخباراتي في منصة مونديال قطر، وييشعرون بكبريائهم وقد جرح.

فالغلمان أوهموا عيال زايد من صغيرهم إلى كبيرهم أن “الملك ضعيف”، وأن “النظام سينهار”، وان “الاسلام السياسي” الذي اسقط في مصر، يتقوى في المغرب بسبب إمارة المؤمنين، وان دولة محمد بن زايد اعتقدت انها “حامية” المغرب من هذا السقوط، وانه لهذا “جرته” الى اتفاقية ابراهام، وفتحت قنصلية، فكيف يجرح كبرياؤها بعد كل هذه الثقة في أنها حاكمة الرباط، ويجهر أهل الرباط ب”دعمهم” للإسلام السياسي في أوروبا، مرة بحضور الثنائي الاستخباراتي في الدوحة، وأخرى بيد الملك نفسه، وفي قلب القصر.

يغضب ويثور عيال زايد على غلمانهم، وعلى كل عيونهم في المغرب، والرباط، والمشوار السعيد، وينصب الغضب الاكبر على من نصبوا انفسهم أمراء. أين تأثيركم، وان نفوذكم، وكيف سمحتم لكل هذا ان يحدث؟

ولغريب الصدف، (ولا غريب الا الشيطان، والغلمان)ان مقال “سلفي يخترق المنتخب الوطني”، خرج في توقيت غريب. وهو نفس توقيت تواجد هزاع بن زايد بالمغرب، وأخ محمد بن زايد هذا، ليس فقط مكلفا بالرياضة، بل أيضا هو اليد اليمنى لطحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي في الإمارات.

بمعنى ان هزاع هو مسؤول الاستخبارات والأمن تحت غطاء الرياضة 😁

بمعنى أبسط لقجع “مدردر” بحموشي والمنصوري 😁

وبمعنى اكثر تبسيطا،

صورة أمير المؤمنين مع اللاعبين، وأمهاتهم، أغضبت ال زايد من الغلمان وكبيرهم، ولان كبيرهم محاصر من المخزن، لم يجد من حل لإسكات ولي النعمة في أبوظبي،

إلا أن يكلف مرة أخرى غلامه، الذي يقدم نفسه فط المجالس الخاصة بصفة “مدير الديوان االأميري”، وفي المجالس العامة منسقا للعلاقات العامة للإخوة زعيتر.

هذا الأخير، سيلجأ كالعادة الى ابن المنطقة، والمهجر، كما سبق ولجأ إليه في قصة طوطو، وسيتفاعل هذا “الجوكير” مع التعليمات كالعادة، خاصة ان منسق العلاقات العامة يغدق عليه بالغالي والنفيس، بما فيه تسهيل تقاربه مع الزعتريين على أمل دخول القصر من بابه الواسع، وفي انتظار ذلك يكتفي بالأظرفة السمينة، والمبيت، والمأكل، والخمرة، وحمامات ال Spa ، في فندق Sofitel الذي اعتاد غلام زعيتر او منسق العلاقات العامة على التردد عليه رفقة غنائمه من المثليين الذين يصطادهم من شارع النصر بالعاصمة.

لكن لماذا أبوخلال بالضبط؟

لأنه وببساطة شديدة، يد منصور بن زايد، التي تشتغل مع طحنون، وتوفر له كتيبة إعلامية، لديها من العلاقات المتشعبة، والتي وصلت حد اختراق الصحافة الالمانية، واستغلت تمويلها للجماعات اليمينية المسيحية في اوروبا العادية لمسلمي اوروبا، للوسوسة في اذن الاعلام الالماني، الذي خرج محذرا من ان هناك مواطن يقيم بألمانيا “صابيري” يتم استقطابه، من قبل “داعشي” يقيم بهولندا.

الخبر، نقلته حرفيا قناة الحرة الامريكية جنسية، والواقعة تحت ادارة منصور بن زايد، وحين اعتذرت عنه القناة الالمانية، تكاسلت قناة الحرة عن نشر الخبر. فطحنون، ومنصور، لم يستوعبوا كيف ان تاثيرهم ضعيف رغم كل ما يبذلون من جهد، ومال، وكيف فشلوا في التفوق على الاستخبارات المغربية على ارض المغرب، وفي اوروبا، وبالتالي يعجزون ومعهم أخوهم محمد بن زايد عن التخلص من عقدة المغرب، عجزهم عن التخلص من عقدة السعودية.

مقال موقع التيجيني قد يكون ساذجا لانه اعتقد انه سيمر مرور الكرام، لكن الحقيقة تقول انه مهما كثير التبريرات، والتوضيحات، والاعتذارات، والتهديدات، فإنه كان مقالا يرد على صورة الثنائي الاستخباراتي وهو في منصة مونديال قطر، ويهاجم صورة الملك وهو رفقة نساء نصفهن محجبات، وبينهن منقبة.

من أوعز بالمقال لم يكن فقط يريد حماية حظوته في القصر، بل كان يوجه رسالة في عقر المغرب، وعلى لسان مغربي، مفادها:

“الملك، أمير المؤمنين، يرعى الارهاب في اوروبا، ويباركه، وعليكم التخلص من المنتخب، ومن امارة المؤمنين، ان كنتم”أبرياء”!!”.

…. واعتقد ال زايد انهم نجحوا في تسديد الضربة، واعتقد كبير غلمانهم الزعتري انه استطاع مرة أخرى التخلص من “منافس” محتمل في حظوة القصر، ليجدوا أنفسهم أمام غضب شعبي، خرج فيه صاحبهم يعتذر ولا يعتذر، دون أن يعي أن هناك من يجلس الان على كرسيه الوثير، وهو يضع ساقا على ساق، ويبتسم، ويقول له:

“احفظ اعتذارك لنفسك، فسقطتك، كشفت الخيوط التي أوصلتنا الى بيت العنكبوت”.