الموارد المائية بالمغرب ماضية في التقلص وسياسة السدود لم تعد “ناجعة”

سجل تقرير وطني أن الموارد المائية في المغرب استمرت في التقلص على مدى عدة عقود بسبب انخفاض الإمدادات والاستغلال المفرط للموارد غير المتجددة، والعجز الكبير في حكامة الموارد المائية، مشددا على ضرورة تعزيز إطار الحكامة كأولوية لضمان الإدارة الفعالة للموارد المائية.


وسجل تقرير حول الماء أنجزه خريجو معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة غياب البيانات الموثوقة والحديثة اللازمة لإعداد تشخيص يسمح بإجراء تحليل مناسب لإشكالية المياه في المغرب، إذ إن البيانات الكمية والنوعية حول الإمدادات المائية وعمليات السحب قديمة وغير معروفة بدقة.


وتأسف التقرير لكون الآفاق المستقبلية لإدارة الموارد المائية ليست جد مشجعة، فسواء بالنسبة لزيادة العرض أو لتقليل الطلب، فإن الأهداف التي تتبناها الاستراتيجية الوطنية لسد العجز الكلي بأفق عام 2050 مفرطة في التفاؤل.
ومن جهة أخرى، اعتبر التقرير أن سياسة السدود التي نهجها المغرب منذ الستينيات حققت نجاحا لا يمكن إنكاره، لكنها تميل نحو حدودها وأصبحت غير فعالة بشكل متزايد خاصة مع نقص المياه الذي أصبح هيكليا.


وعدد التقرير الخيارات الأخرى لزيادة العرض المائي، والمتمثلة في تحلية مياه البحر، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وتجميع مياه الأمطار، وهي خيارات يمكن أن تشكل مكملات مهمة واستراتيجية، ولكنها مع ذلك تظل غير متناسبة مع حجم المياه التقليدية.


وقبل التفكير في زيادة العرض المائي، أكد التقرير على ضرورة إدارة الطلب، ففي المغرب هناك غياب شبه كامل لإدارة الطلب على المياه، باستثناء بعض الإجراءات الخجولة في أوقات ندرة الماء.


ويتجلى القصور في إدارة الطلب على المياه، حسب التقرير، في الفوضى السائدة في الاستخراج غير القانوني للمياه الجوفية والتوسع في المساحات المروية من الفرشات المائية، وذلك بدعم من الدولة للري الموضعي والمحاصيل الزراعية، مما يشكل تهديًدا لاستدامة المياه الجوفية للأجيال القادمة.


كما يتجلى أيضا في قلة وعي المستخدمين بقيمة المياه وفي عدم وجود حوافز للحفاظ عليها، ناهيك عن كون قطاع المياه يستفيد من موارد مالية مهمة من ميزانية الدولة، لكن استخدام هذه الموارد يتسم بانعدام الشفافية فيما يتعلق بالأولويات.


ونبه التقرير إلى الحكامة غير الفعالة للمياه، والتي تهدد الأمن المائي للمغرب، حيث تشكل إخفاقات الحكامة السبب الجذري لمعظم المشاكل التي تواجه قطاع المياه في المغرب، في ظل ضعف إلى عدم تطبيق القانون.


وخلص التقرير إلى أن الاستغلال المفرط للمياه الجوفية ومستوى تلوث المياه السطحية والجوفية، دليلعلى ضعف حماية هذه الموارد والحفاظ عليها، ورغم أن مبادئ الحفاظ على الماء منصوص عليها جيًدا في القانون، لكنها لا تؤخذ في الاعتبار بشكل كاف عند تنفيذ السياسات الوطنية، كما لا يزال مستوى تكيف قطاع المياه مع التغيرات المناخية منخفضا من الناحية العملية.


وأوصى التقرير بتغيير جذري في إدارة الموارد المائية على أساس مراعاة حقيقة أن الندرة أصبحت هيكلية وليس فقط عابرة، ودعم الخيارات التي تشكل بديلا للسدود.


ولخص التقرير ما ينبغي فعله في تحسين المعرفة بموارد المياه وتأثيرات التغيير المناخي، وتحسين إدارة العرض وتعزيز إدارة الطلب، وتحسين الحكامة.