“فضيحة” جامع المعتصم و”البيان التوريطي” لبنكيران

بقلم الصحافي : مصطفى الفن

أعترف بأني لازلت جد مصدوم من هول هذا “الانقلاب” الذي وقع في دنيا القيم وفي دنيا الأخلاق وفي دنيا بشر يكاد “يمسي مؤمنا ويصبح كافرا”..
وقع كل هذا الذي وقع لكن من أجل لا شيء أو من أجل ما يعادل الفتات لا أقل ولا أكثر..
و”الإيمان” و”الكفر” لهما هنا معنى سياسي ما دمنا نتحدث عن السياسة وعن مفارقات السياسة التي تجعل أحيانا من السياسي الملتصق بالأرض “كلا على مولاه”..
وأنا لا أتحدث هنا عن “فضيحة” جامع المعتصم الذي كان مرشحا بقوة لرئاسة حزب البيحيدي..
نعم إن المعتصم كان مرشحا بقوة لهذا المنصب الحساس جدا بمقاييس السياسة..
لكن ها نحن نكتشف أن السيد المعتصم الذي يعد الرجل الثاني في حزب معارض ليس سوى “شناق” غير محترم حتى لا أقول إنه أشبه ب”عميل سياسي مزدوج”:
يشتغل “ليلا” مع عزيز أخنوش ويبكي “نهارا” مع المواطنين ومع عبد الله بوانو وحسن حمورو على غلاء المحروقات وعلى غلاء المعيشة..
والحقيقة أني جد مصدوم مما قرأته في “البيان التوريطي وليس التوضيحي” للأمين العام للحزب “الإسلامي”..
وأعتذر للناشط الحقوقي السي خالد البكاري عن هذه “السرقة الموصوفة” لهذه العبارة المعبرة والجامعة المانعة من تدوينة له:
“البيان التوريطي”..
أغلق هذا القوس وأعود سريعا لأقول إني لم أفهم على الإطلاق كيف أصبح “الحارس” رقم واحد للمرجعية في حزب المرجعية يدافع بشراسة عن “اللا مرجعية”..
وعن “المسخ”..
وعن “الضياع السياسي” بتعبير عبد العزيز أفتاتي..
وعن “البؤس”..
وعن “القبح”..
وعن “نسخة مشوهة” لحزب ما عادت له ربما أي ذرة من أي مرجعية من مرجعيات الدنيا ولا مرجعيات الآخرة..
بيان الأمين العام غير المقنع وغير المطروز وغير المغرز هو ليس حادثة سير في طريق السياسة قد نتفهم دواعيه..
بيان الأمين العام هو مدمر لكل شيء:
مدمر للحزب ولماضي الحزب ولحاضر الحزب ولمستقبل الحزب..
لماذا؟
لأن هذا البيان، الموقع ب”الأنا المتضخمة” وخارج المؤسسة، هو أقرب إلى ما يشبه “الانحراف” في الفكر وفي المنهج وفي الممارسة أيضا..
وربما قد أقول أيضا إن هذا البيان هو “عدوان غاشم” على الحزب وعلى سمعة الحزب وعلى ما تبقى من الحزب ومن مناضلي الحزب..
أكثر من هذا، فهذا البيان هو أيضا، وبلا شك، فيه الكثير من “التلاعب” بأدبيات المرجعية في هذه المرحلة العصيبة من أرذل العمر..
جامع المعتصم ليس قاصرا حتى يتحدث الناس مكانه أو باسمه..
وكم وددت لو خرج المعتصم ليدافع عن نفسه بنفسه عوض أن يختبئ خلف الأمين العام..
والمعتصم مطالب بأن يدافع عن نفسه ليس فقط عن قضية اشتغاله “سرا” وفي منصب سياسي مع رئيس حكومة هو أصلا “خصم سياسي” في نظره..
المعتصم مطالب أيضا بأن يدافع عن نفسه حتى في هذا القيل والقال حول ضيعة “مفترضة” قيل إنه اشتراها في ظروف غامضة بجماعة الشراط..
وأنا أخشى أن يكون الأمين العام للبيجبدي تحمل مسؤولية الدفاع عن المعتصم بهذا الهاجس:
“نحن حزب خسرنا تقريبا كل شيء ولم نعد نملك ربما اي شيء قابل الخسران، فأين المشكل أن نشتغل جميعا كأشخاص مع عزيز أخنوش لخدمة الوطن؟!”..
وأنا أقول بهذا لأنه حتى الاتصال الهاتفي الذي قيل إنه جرى بين أخنوش وبين بنكيران قبل اللقاء مع أحزاب المعارضة تضمن ما يشبه هذا الهاجس..
وجاء في تفاصيل هذا الاتصال الهاتفي، إذا ما صح هذا الذي يروج، أن بنكيران كاد أن يقول تقريبا لأخنوش في سياق ودي؛
“نحن معك.. لكن لماذا تتهموننا بأننا عطلنا التنمية طيلة عشر سنوات من تواجدنا في الحكومة”..
وفعلا فماذا تبقى في هذا الحزب الذي كان ذات سياق ضمير جزء كبير من المغاربة وربما حتى ضمير جزء من الدولة أيضا؟
لا شيء تقريبا سوى بعض “السرديات” التي تقول أشياء كثيرة لكن بلا مضمون سياسي يفتح باب “الحلم” وباب “الأمل” على مصراعيه..