“السوشل ميديا” … إلى متى سيستمر التسيّب وتسميم المجتمعات؟

لا يشك اثنان أن مستوى الوعي الفكري والثقافي، وكذلك الذوق العام، قد تغيّرا بشكل جذري خلال السنوات الأخيرة، خصوصا بعد الثورة التكنولوجية التي غيرت مفاهيم عديدة وأجبرتها على التماشي مع واقع يشعر فيه الكثير منا باغتراب شديد معروف المصدر ومجهول المقصد.

”السوشل ميديا” أو مواقع التواصل الإجتماعي، من بين المصطلحات الجديدة المرتبطة بهذا التطور التكنولوجي، لكن يحمل هذا المفهوم بين طياته قوة معنوية لا نظير لها، ساهمت بشكل كبير في تغيير المجتمعات سواء للأفضل أو للأسوأ، ويبقى الاستعمال الجيد أو السيء لهذه القوة هو الفارق الوحيد المتحكم في التطور والصورة العامة للدول.

السياق المغربي المرتبط باستعمال مواقع التواصل الاجتماعي، لا يختلف كثيرا عن غيره في الدول العربية والإفريقية، حيث نجد أن ”التفاهة” هي المسيطرة على أغلب الصفحات وبرامج ”الأنترنت” وذلك في غياب دور الدولة في تأطير هذا المجال، الذي يحتك بشكل مباشر مع مختلف الأجيال، خصوصا الناشئة منها.

في السنوات القليلة الأخيرة، بدأت بعض الصفحات أو من يطلقون على أنفسهم ”مؤثرين”، يتخذون منحى خطير ويقودون المجتمع إلى ”حفرة” قد يصعب الصعود منها، ما يستدعي دق ناقوس الخطر، والتوجه نحو وضع قوانين وتشريعات صارمة تؤطر هذا المجال، حفاظا على الأجيال الجديدة من “وحش قد يفتك بنا جميع”.

أبسط مثال على بعض السلوكيات السلبية المنبعثة من ”السوشيال ميديا” المغربية، هي ما تم تداوله مؤخرا بشكل واسع، وهو فيديو تظهر فيه أحد ”صانعات المحتوى” داخل حمامها ”مرحاض”، تقوم بأفعال مقززة، و”المصيبة” أن الملايين من المغاربة نشروا وتداولوا هذا المقطع، سواء بنية حسنة أو غيرها، لكن المستفاد منه أن هذا المجال يحتاج إلى تأطير قانوني عاجل لكبح جماحه.

هذا الانتشار الواسع للتفاهة بمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت واقعا لا مهرب منه، يساهم كذلك بشكل واسع في إلهاء الشعب عن حقوقه الحقيقية وينسيه المطالبة بها، ما يرجح كفة أنها تخدم جهات معينة على حساب أخرى، لكن ما يغيب عن أغلبنا هو أن هذا الإلهاء يكون بخطة موضوعة مدروسة ومحكمة، ولعلها هي من يقف كحاجز منيع أمام ظهور تشريعات وقوانين مؤطرة لهذا المجال.

خالد أفرياض