كيف تسببت الأخطاء الدبلوماسية و”باك صاحبي” في تأخر موقف بريطانيا في قضية الصحراء المغربية

يبدوا أن الأزمة الأخيرة بين المغرب وتونس، التي اختلقها الديكتاتور قيس سعيد باستقباله للانفصالي بنبطوش (ابراهيم غالي) زعيم عصابة البوليزاريو، -يبدوا- أنها كشفت عن مجموعة من الاختلالات والنواقص في تركيبة دبلوماسيتنا المغربية، ابتداء بالسفراء وخلفيات اختيارهم مرورا بالموظفين الذين يفتقر بعضهم إلى مزيد من التكوين في المجال الأمني وانتهاء بالوزارة التي تؤطر كل ما سبق.


وبما أن المغرب وضع نصب عينيه منذ سبعينيات القرن الماضي، تأمين الصحراء المغربية إرجاعها لحضن الوطن بشكل كلي و امن، فلا بد من استحضار الكثير من الحكمة في تناول هذا الملف الذي يعتبر القضية الأولى للمغرب والمغاربة، ولا يجب التهاون مع أي خطأ أو ثغرة قد تؤثر على مسار المبتغى المنشود.


ومن بين النقط المهمة التي ربما غفل عنها الاغلبية العضمى، هي الموقف الواضح للملكة المتحدة في قضية الصحراء، الذي لم ”يظهر له حس” إلى حد الان، باعتبارها من أقوى الدول العالمية في شتى المستويات ولها صوت مسموع في ”لعبة” السياسة العالمية، فما هي الاسباب يا ترى التي أخرت إعلان موقف بريطانيا من قضية الصحراء المغربية؟
للجواب عن سؤالنا السابق، لن نفكر كثيرا ولن نبحث عن مبررات ذات أبعاد فلكية لن نستطيع حصرها، فقط يكفينا النظر إلى سفيرنا بلندن، حتى نفهم سبب تأخر موقف واضح من مملكة إليزابيث الثانية تجاه قضيتنا الوطنية.


هو حكيم حجوي صاحب الـ39 ربيعا، نجل محمد الحجوي أمين عام حكومة عزيز أخنوش، وقد يتساءل البعض عن الضير في ذلك، ألا يحق لأبناء الوزراء والمسؤولين أن يتقلدوا بدورهم مناصب عليا ان استحقوا ذلك، نجيب ونقول بالطبع لا مشكلة في ذلك فهناك أمثلة عديدة ناجحة.


المشكل الأكبر والذي بالطبع لاحظته بريطانيا ولم ننتبه له نحن، هو أننا أرسلنا إلى مملكة عظيمة وذات تاريخ طويل وعريق وتجمعنا معها صداقات تعود لمئات السنين، سفيرا في الثلاثينات من عمره، لم يكتسب بعد تجربة دبلوماسية طويلة ليستحق تمثيل المغرب بلندن، وليدافع عن قضيتنا الوطنية أمام أساتذة السياسة العالمية.


ألا يعتقد من جامل محمد الحجوي بتعيين ابنه على رأس الوفد الدبلوماسي المغربي بلندن، أن بريطانيا قد تعتبر ذلك إهانة في حقها وفي حق قوتها وتاريخها العريق؟ أليس من العيب أن يصدر مثل هذا التصرف من المغرب؟ خصوصا أن بريطانيا قدرتنا واحترمت عراقتنا ودورنا المحوري بالمنطقة العربية والشمال افريقية.


نعم بريطانيا احترمتها كما لم نفعل نحن، بتعيين سفير بالرباط يتقن العمل الدبلوماسي ”عن حق وحقيق” وقضى عمر حكيم الحجوي بين سراديب السفارات ووزارات الخارجية، وله من العلم الكثير فيما يتعلق بثقافتنا وبتركيبة المجتمع المغربي، وأكثر من ذلك فهو يعلم حجم الشراكة القوية التي جمعت المملكتين المغربية والبريطانية منذ تشكل الدول الحديثة.


بالنظر إلى ما سبق تتضح الرؤيا، ويتبين السبب الحقيقي وراء تأخر الموقف البريطاني بخصوص قضيتنا الوطنية، فالعمل الدبلوماسي يقتضي تفكيرا معمقا وحكمة في التعامل، وقرار إرسال سفير شاب لتمثيلنا بلندن يجب إعادة النظر فيه، صونا لكرامة البلد الصديق، وخدمة لقضيتنا الأولى.