ألمانيا أول “الطامعين” … هل يستغل المغرب “الهيدروجين الأخضر” لتأسيس تحالفات وإتفاقيات جديدة؟
رشّحت العديد من التقارير الدولية، ومن بينها وكالة الطاقة المتجددة “آيرينا”، المغرب لاحتلال المرتبة الرابعة في مقدمة الدول المرشحة لإنتاج الهيدروجين، بالتزامن مع تطلع عدد من دول القارة العجوز إلى المغرب من خلال الدخول في مشروعات مشتركة، تهدف إلى نقل الطاقة النظيفة إلى الشمال.
وربما تصبح الطاقة المتجددة هي المحرك الأسرع للمشهد العالمي في المرحلة المقبلة، وما يحدث من تأسيس تحالفات وتوقيع اتفاقية يجسد ذلك.
في هذا السياق, في العلاقات المغربية الألمانية، على إثر الزيارة الأخيرة لوزيرة خارجية ألمانيا, أنالينا بايربوك، الرامية لفتح حوار استراتيجي على مستوى الخارجية وإعادة إحياء اللجنة الاقتصادية للدفع بالتعاون المشترك في المجالين الاقتصادي والمالي وتعزيز الشراكة في مجموعة من المجالات منها الهيدروجين الأخضر والطاقة والاستثمار.
وأشارت أنالينا بايربروك إلى مجموعة من الحقائق التي تؤكد أهمية الشراكة بين البلدين والروابط الثقافية والتجارية التي تجمعهما والمتمثلة في مجموعة من الملفات التي تحظى بأولوية في مجالات الطاقات المتجددة وأزمة المناخ وتطوير الهيدروجين الأخضر..
وقد عمل المغرب منذ سنوات على تبني سياسة طاقية تتجه نحو الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة بشكل كبير، وبالتالي الحد من الاعتماد على المصادر الأحفورية الملوثة للبيئة, في حين تتجه المملكة لكي تصبح واحدة من أهم البلدان المنتجة لمادة الهيدروجين.
ويسعى المغرب جاهدا إلى إيجاد بدائل للطاقات الأحفورية، عن طريق تسريع انتقاله الطاقي نحو مصادر نظيفة تضمن له الاكتفاء في مجال الطاقة على المديين المتوسط والبعيد، وتمكنه من الاستجابة لحاجياته من الطاقة من جهة والحد من الانبعاثات السامة من جهة أخرى.
.
وبخصوص سياسة المغرب الخاصة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، قطع المغرب أشواطا كبيرة في إنتاجه، في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الدولية ظهور مراكز نفوذ جيوسياسي جديدة على أساس إنتاج الهيدروجين واستخدامه بالتوازي مع إعادة النظر في استعمالات الطاقات “الملوِّثة” التي أضحت تقض مضجع حماة البيئة أكثر من أي وقت مضى، لا سيما مع ارتفاع حرارة الأرض الذي بلغ مستويات غير مسبوقة.
في حين يرى خبراء, أن أسواق المغرب من الهيدروجين الأخضر, تفتح باب الصراع بين أوروبا وأمريكا التي تتصدر المشهد في تصنيع السيارات التي تعمل بالبطاريات .
ويروج صناع السياسة في واشنطن للسيارات الكهربائية كحل لتغير المناخ؛ لكن تبقى الحقيقة غير المريحة أن السيارات التي تعمل بالبطاريات باهظة الثمن بالنسبة للغالبية العظمى من سكان العالم بصدارة الأمريكيين.
إضافة إلى أن المادة الرئيسة في إنتاج البطاريات وهي الكوبالت , الذي يعد “عنصرا” مهما جدا” وأساسيا لتصنيع بطاريات الليثيوم, حيث يساهم به المغرب بنسبة 36% من رقم معاملات الفاعل الأساسي في المعادن. وتنتج المملكة سنويا معدل ألفي طن من معدن الكوبالت، ويبلغ احتياطها منه 17 ألفا و600 ط.
وبالرجوع إلى الهيدروجين الأخضر فإن خارطة طريق المغرب لتطوير الهيدروجين الأخضر تتألف من ثلاثة محاور أساسية تشمل تملك التكنولوجيات الضرورية، وتطوير السوق والطلب، ثم جانب الاستثمار والتموين.
ويستعد المغرب لتطوير الهيدروجين الأخضر خلال العقد المقبل، عبر تبني المغرب لخريطة طريق من أجل تطوير الهيدروجين عبر إطلاق أول تجمع للهيدروجين الأخضر بأفريقيا “Cluster Green H2” الذي يضم فاعلين عموميين وخواصاً مغاربة وأجانب.
والهدف من وراء إنشاء التجمع هو الانكباب على التطورات التكنولوجية في هذه السلسلة الاقتصادية والصناعية الواعدة للغاية, حيث يصبح المغرب فاعلاً لا محيد عنه في تصدير الهيدروجين الأخضر نحو أوروبا بكلفة تنافسية جداً، بالنظر إلى توفره على مصادر طبيعية في مجال الطاقات المتجددة ذات الجودة العالية، لا سيما بواجهته الأطلسية وأقاليمه الجنوبية، حيث أضحى وجهة جذابة للاستثمارات العالمية في هذه الشعبة الاقتصادية والصناعية”.
كما تمكن المغرب من جلب استثمارات ضخمة في المجال، أبرزها مشروع شركة “توتال إرين” Total Eren التابعة لمجموعة “توتال إنرجيز” Total Energies التي خصصت غلافا مالياً ضخما يُقدر بـ10.69 مليار دولار، أي ما يعادل 100 مليار درهم لإنجاز مشروع لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء في جهة كلميم-واد نون في الصحراء المغربية.
ويعد الهيدروجين الأخضر أحد أهم البدائل النظيفة التي يراهن عليها المغرب، إلى جانب الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لسد حاجياته بل وتصدير الفائض الذي قد يحققه مستقبلا، في وقت تعرف فيه أسواق الطاقة تقلبات مصحوبة بمشاكل في الإمداد
تعليقات