آخر الأخبار

فؤاد عالي الهمة.. صانِعُ الحكومات ومُعدِّلُها!

نور الدين اليزيد/صحافي

وأنا أطالع خبر إمكانية إجراء تعديل حكومي، على حكومة عزيز أخنوش الحالية، بعد تسريبه من طرف “مصدر” إلى مجلة “جون أفريك” الفرنسية، رجَعَتْ بي الذاكرة 13 سنة ونيف إلى الوراء. وبالضبط إلى بداية شهر يوليوز وصيف 2009، في عهد حكومة طيب الذكر عباس الفاسي؛ عندما كان صاحب التدوينة (كاتب المقال) هو صاحب “سكوب” التعديل. وهو الخبر الذي نشرناه في جريدة “المساء” وقتها، وقد كانت الصحيفة الأكثر طبعا ومبيعا (أزيد من 175 ألف نسخة يوميا في تلك السنة).

بعد نشر ذاك الخبر، في ذاك اليوم، أخذَته عنا صحف عديدة، وخاصة الناطقة بالفرنسية، ووكالات أنباء دولية، وكان للخبر ما بعده؛ بحيث مع نهاية ذاك الشهر أجري التعديل، ودخلت “الحركة الشعبية” الحكومةَ، يقودها أمينها العام الخالد امحند العنصر، الذي كنتُ اتصلتُ به قبلها لإعطاء تفاصيل حول التعديل المحتمل، وتحاشى الحديث بلباقة كما هي عادته..
الحركة الشعبية التي “غطّت” جزءا من النقص العددي للأغلبية البرلمانية، الذي خلّفه إعلان حزب “الأصالة والمعاصرة” تحوّلَه إلى صف المعارضة داخل البرلمان، تلك السنة، وقد كان يضم ما لا يقل عن 47 نائبا في مجلس النواب وحده..
هكذا أكاد أشم رائحة التعديل المحتمل اليوم؛ سيكون لتوهيم الرأي العام الذي يقود حملة واسعة ضد رئيس الحكومة، بأن الذين بيدهم الأمر من قبل ومن بعد، يتفاعلون إيجابيا مع الرأي العام الوطني. وثانيا، لإرسال رسالة إلى من يهمهم الأمر في الخارج فحواها أن النظام المغربي هو نظام معتدل ومرن، قابل لتغيير وتبديل جلده ومظهره تماشيا مع الأحداث، وليس نظاما متحجرا يخشى التغيير..

ما أثارني -وهو شيء قد يبدو عاديا- هو ظهور كبير مستشاري الملك فؤاد عالي الهمة، في الصورة، في تلك السنة، وفي هذه السنة، وفي السنوات التي ما بين السنتين، كفاعِل، بل كَصانِع للحدث/التعديل الحكومي، مع فرق واضح، لكن ليس بمؤثر، وهو أنه في سنة 2009 كان فؤاد عالي الهمة، يقوم بدور الفاعل السياسي من داخل التنظيم الحزبي، وليس من داخل القصر الملكي. بحيث في تلك السنة، كان في أيام شهر العسل الأولى لتأسيس حزب “البام”، الخارج مع الرجل من دواليب “المخزن”/وزارة الداخلية؛ في ذاك الانتقال المخدوم للرجل، من كاتب الدولة في “أم الوزارات”، حيث “تتلمذ” على يدي رجُل الراحل الحسن الثاني القوي، الراحل إدريس البصري، حيث التَهَم التِهاماً ملفات الشخصيات والأحزاب السياسية، كما أنجزتها أعين وآذان مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية..

السيد “الهِمة” وقتها، وبعدما “وقف” إلى جانب حكومة الفاسي ودعّمها بكتلة برلمانية نزلت عليه من السماء، حتى بدون أن يخوض حزبه الوليد انتخابات تشريعية (وما دمتَ في المغرب فلا تستغرب مِن هذا يا هذا !)، وبعدما أصاب حكومة “ليلة رمضان”، كما كانت تسمى، نوعٌ من الروتين المُمِل، وبعدما تلقى، على ما يبدو، إشارة “خلخلة” المشهد السياسي، أمر أتباعه من النواب إلى التحول إلى صف المعارضة، وهو ما سيجعل ظهر حكومة الفاسي عاريا بدون أغلبية مسانِدة، مما سيضطرها إلى ضخ دماء وأسماء جديدة في التركيبة؛ ليس بالضرورة لتخدم الصالح العام، ولكن فقط للإيحاء بأن هناك دورة دموية وحيوية في أعضاء الجسم الحكومي والسياسي تشتغل حتى لا تصاب بالسكتة القلبية..

هكذا أكاد أشم رائحة التعديل المحتمل اليوم؛ سيكون لتوهيم الرأي العام الذي يقود حملة واسعة ضد رئيس الحكومة، بأن الذين بيدهم الأمر من قبل ومن بعد، يتفاعلون إيجابيا مع الرأي العام الوطني. وثانيا، لإرسال رسالة إلى من يهمهم الأمر في الخارج فحواها أن النظام المغربي هو نظام معتدل ومرن، قابل لتغيير وتبديل جلده ومظهره تماشيا مع الأحداث، وليس نظاما متحجرا يخشى التغيير..

إشارة لا بد منها: التعديل الذي جرى في 29 يوليوز 2009 أدخل إلى الحكومة كلا من محند العنصر كوزير دولة (الحركة)، ومنصف بلخياط وزير الشبيبة والرياضة (التجمع)، وبنسالم حميش وزير الثقافة (الاتحاد)، ومحمد أوزين كاتب الدولة في الشؤون الخارجية والتعاون (الحركة).

المقال التالي