حوار: “طريق الموت.. رحلة عبر 6 دول لبلوغ الفردوس الأوربي”

مغرب تايمز - حوار: "طريق الموت.. رحلة عبر 6 دول لبلوغ الفردوس الأوربي"

 بعد أن حصل الشاب سعيد على شهادة الإجازة بجامعة ابن زهر بمدينة أكادير سنة 2017 قام مباشرة بالتقدم لمبراة ولوج أكاديميات مهن التدريس إلا أنه لم يوفق ، قام بعدها باجتياز مباراة التوظيف في صفوف الشرطة حيث لم يوفق كذلك ، و أعاد نفس العملية سنة 2018 إلا أن شبح البطالة أبى أن يفارقه .

مع مطلع سنة 2019 بدأ سعيد بالبحث عن الفردوس الأوربي ، حيث قرر الهجرة إلى بلاد يحلم العديد من الشباب المغاربة بالذهاب إليها خصوصا المعطلين منهم ، إلا أن الظروف المادية و عدم توفره على حساب بنكي ، كانت عائقا أمامه لكي يسافر بطريقة قانونية ، حينها فقط فكر بالهجرة السرية و قرر خوض مغامرة تتطلب الكثير من الشجاعة للقيام بها .

سنعرف تفاصيل الرحلة التي قام بها سعيد خلال هذا الحوار الذي أجريناه معه عن بعد :

كيف بدأت رحلتك نحو اوربا ؟

انطلقت الرحلة برفقة  أربعة أصدقاء من مدينة تارودانت نحو الدار البيضاء على مثن حافلة لنقل الركاب ، بعدها مباشرة توجهنا إلى مطار محمد الخامس حيث قمنا برحلة جوية بشكل قانوني نحو مدينة اسطنبول التركية  .

حدثنا عن مدينة اسطنبول وماذا فعلتم بها ؟

بقينا بإسطنبول حوالي أسبوع من أجل الاستعداد للمغامرة الكبيرة ، إذ اقتنينا كل ما يلزم لرحلة ستدوم قرابة 20 يوما من تركيا نحو اليونان عبر الغابات و الجبال ،كفراش للمبيت بالخلاء و طعام خفيف الوزن سيكفينا كل هذه المدة ثم على أجهزة لشحن الهواتف التي كانت ضرورية لتتبع الطريق .

كيف كانت الانطلاقة من إسطنبول ؟

بعد أن مكثنا لمدة أسبوع بمدينة اسطنبول وتجهزنا بشكل كافي ، توجهنا نحو مدينة أدرنه  الحدودية على مثن حافلة ، إذ ترجلنا منها قبل دخول المدينة ببعض الكلومترات حيث كانت مداخل المدينة مراقبة من طرف الشرطة التركية ، ثم سلكنا الطريق الغابوي نحو حدود تركيا/اليونان لكن قبل أن نصل إلى السياج بعدة كيلومترات بقينا مختبئين وسط الغابة حتى وصل الليل ،  و الغاية من ذلك هي ان تظهر لنا أضواء حرس الحدود لكي نتجنبها .

هل شعرتم  بالخوف في تلك اللحظة خصوصا أنكم مقبلون على الدخول في رحلة نحو المجهول عبر غابات و جبال لم تطأها اقدامكم من قبل؟

لا أبدا الشيء الوحيد الذي خفنا منه هو ان تقبض الشرطة علينا و تعيدنا إلى المغرب.

ماذا فعلتم بعد حلول الليل ؟

بعد حلول الليل توجهنا مباشرة إلى السياج الحدودي في نقطة بعيدة عن َأضواء حرس الحدود ، حيث قطعنا السياج ودخلنا الأراضي اليونانية  . هناك استمرت رحلتنا 17 يوما .

حدثنا عن ما عشتموه طوال تلك الايام بالغابة وماذا كنتم تأكلون و كيف تنامون ؟

كنا نبيت في العراء وتحت الأشجار وكنا نأكل طعامنا المدخر بتقشف ، إذ كان عبارة عن بعض الشوكولاته و الثمر و بعض المكسرات و أحيانا كنا نصادف بعض الأشجار المثمرة حيث كنا نأكل من ثمارها ، وفي بعض الأوقات كانت بعض الحيوانات المفترسة تعترض طريقنا إلا أننا كنا نواجهها ونطردها ، حيث كان كل واحد منا يحمل عصا اشتريناه خصيصا في اسطنبول لنستعمله كعكاز أثناء صعودنا للجبال .

ماذا حدث ذلك و كم هي المسافة التي مشيتموها تقريبا ؟

بعد قطعنا ل400 كيلومتر عبر غابات اليونان في رحلة دامت 17 يوما وصلنا إلى مدينة “سالونيك” ،  التي كانت بها جمعية تستقبل اللاجئين ، حيث قدمنا لها انفسنا على أننا لاجئين من سوريا ، بعد أن تخلصنا من جوازات سفرنا ، حيث استرحنا بها قليلا و سلمونا بطاقات تسمى بالعامية “خرطية” تتيح لنا التنقل في اليونان على أننا لاجئين .

كيف كانت معاملة اعضاء الجمعية معكم ؟

كانت معاملة جيدة في الحقيقة و سأشير هنا إلى سيدة أثرت فينا جدا كانت عضوا في تلك الجمعية ،  تشتغل كممرضة  وندعوها  ب” ماما روزا” ، حيث كانت تعاملنا احسن معاملة وداوت جراحنا التي تعرضنا لها في الرحلة ، واستضافتنا في الجمعية لمدة أسبوع تقريبا حيث استرحنا من عناء السفر و قمنا بالاستعداد لبقية الرحلة .

كيف كانت الرحلة نحو الدولة التالية ؟

بعد ذلك توجهنا نحو الحدود الفاصلة بين دولة اليونان و ألبانيا  ، حيث ركبنا سيارة للنقل المزدوج واتصلنا قبل ذلك بمهرب للاجئين بألبانيا الذي اتفقنا معه على الالتقاء به بعد  ان نتجاوز الحدود ب20 كلم .

كيف اجتزتم الحدود الفاصلة بين اليونان و ألبانيا ؟

لقد قمنا بنفس العملية التي قمنا بها في تركيا قبل تجاوز الحدود اليونانية ، حيث انتظرنا حلول الليل وتجاوزنا السياج الفاصل بين الدولتين في نقطة بعيدة عن أضواء حرس الحدود .

ماذا حدث بعد ذلك ؟

 بعد أن قمنا بتجاوز الحدود الالبانية في الليل توجهنا نحو نقطة الالتقاء بالمهرب ، الذي أقنا مقابل 1000 يورو للشخص وتوجنا نحو حدود دولة مونتينيجرو ، حيث اتصلنا بعدها بمهرب اخر أقلنا مقابل نفس المبلغ حتى حدود دولة البوسنة .

ما  هو مصدر أرقام هواتف المهربين ومن أين تأتون بالمال خصوصا أنكم تخلصتم من جميع وثائقكم؟

أرقام هواتف المهربين حصلنا عليها من طرف أصدقاء لنا هاجروا بنفس الطريقة من قبل ووصلوا إلى أوربا ، وفي ما يخص المال ، فقد قمنا بإنشاء حساب بنكي دولي أثناء تواجدنا في المغرب وكنا نخبئ البطاقة البنكية في ملابسنا الداخلية ، حيث تعرضنا للسرقة عدة مرات وفقدنا هواتفنا و ملابسنا .

ماذا حدث في بعد دخولكم دولة البوسنة ؟

 بعد أن تجاوزنا حدود دولة مونتينيجرو دخلنا إلى أراضي دولة البوسنة ، التقينا بمهرب اخر أقلنا إلى الحدود الكرواتية التي تعتبر أكبر تحد للاجئين إذ أن الحراسة كانت مشددة حيث لم نستطع أن نتجاوز الحدود إلا بعد أيام طويلة و بصعوبة كبيرة ، وبعد أن تجاوزنا الحدود التقينا بمهرب اخر الذي أقلنا بدوره إلى الحدود مع سلوفينيا .

كيف كانت رحلتكم في سلوفينيا ؟

بعد أن تجاوزنا الحدود السلوفينية بدأنا رحلة أخرى دامت 3 أيام تقريبا مشيا على الأرجل عبر الغابة حتى وصلنا إلى الحدود الإيطالية وتحديدا مدينة ترييستي، و التي تعتبر حلم كل اللاجئين حيث تنفسنا الصعداء بعدها وعرفنا اننا نجحنا .

كيف كان شعورك قد وصلت أخيرا إلى إيطاليا ؟

أكيد فرحت ، لأنني حققت جزءا من حلمي ، إلا اني كنت أتمنى  لو حققت ما كنت أحلم به في بلادي المغرب ، وتمنيت لو وجدت عملا يليق بي هناك وبمستواي الدراسي ،حينها كنت سأزور أوربا و كل بلدان العالم بطريقة قانونية و بلا خوف من شيء.

ما هي وضعيتك الحالية بإيطاليا ؟

أنا الان أعيش في جنوب إيطاليا و اشتغل بالفلاحة وقد حصلت على أراق اقامة مؤقتة في انتظار أن أحصل على عقد عمل رسمي ، وبعدها أوراق الاقامة الدائمة لكي أستطيع أن أتي إلى المغرب و ازور عائلتي .