آخر الأخبار

أخنوش و جواز الالهاء

مغرب تايمز - رئيس الحكومة: سنفتح مشاورات مع الأحزاب لتشكيل حكومة منسجمة ومتماسكة



وصل المفكر المغربي عبد الله العروي، من خلال اشتغاله على التاريخ، إلى خلاصة مفادها “أن عدو رجل السياسة هو المؤرخ، لأنه يُذكر ويتذكر”. وسيكون أشد كرها له إن كانت القضية موضوع التذكير قريبة جدا. رجل السياسة يمارس النسيان ويخاف من يقظة الذاكرة، لهذا يتوجه إلى “قاعدة الإلهاء”. قاعدة قديمة تهدف إلى إطلاق قضايا مكثفة من غير معنى حتى تمر مياه النهر دون أن يلتفت أحد لتلوثها.


جواز كوفيد نزل بدون إذن من أحد. ليس الخلاف حول أهميته من غيرها، ولكن حول طريقته التي حل بها ضيفا ثقيلا على مجتمع أُنهك كثيرا. كان بمكنة الحكومة التواصل بشأنه مع المجتمع ومنح الوقت الكافي للمواطنين للقيام بما يلزم صحيا. كان بالإمكان تمريره عبر نص قانوني من خلال المؤسسة التشريعية. لكن كل ذلك لم يحصل ليس لأن الحكومة لا ترغب في ذلك، ولكن لأنها تريد هذه الطريقة، التي ستضرب من خلالها عصفورين بحجر واحد.


سنهتم كثيرا بجواز التلقيح ومدى قانونيته، وإلزامية التلقيح وهل هي مخالفة للدستور وغيرها من الأسئلة، التي ستحاط بضجة كبيرة، وما الضجة إلا طريقة لتمرير أمور كثيرة.


من جهة سينسى الناس ما وعد به أخنوش المواطنين خلال الحملة الانتخابية، وسيصبح ذلك من الآثار الغابرة، وهذا هو التاريخ الذي يكرهه السياسي، لأنه سيظهر حقيقته، وطمرا للحقيقة سيتم استعمال “جواز التلقيح” كآلية للإلهاء. بقدر اهتمام الناس بظروف نزول إلزامية جواز كوفيد، الذي يفيد إلزامية التلقيح، بقدر ما ينسون كل تلك الوعود.


من جهة ثانية ستمر كل الضرائب المخيفة، بهدوء تام، وستتم المصادقة عليها في المؤسسة التشريعية دون تشويش من المواطنين، وهي ضرائب ستفرض زيادات على الزيادات التي تم تمريرها في غمرة جو من التطبيل للحكومة الجديدة التي هزمت حكومة العدالة والتنمية. هلل كثير لإزاحة كابوس الظلام، لكن لم يحدثونا عن نور الحكومة الجديدة.


سنلهو قدر الإمكان بهذه اللعبة الصغيرة. سنقاتل بعضنا البعض من أجلها. لن نسمع بعضنا البعض ونحن في غمرة ضجيج لا ينتهي. سيسقط كثيرون منا في هذه المعركة. بعد أن نستيقظ لن يعود هناك حديث عن جواز التلقيح وعن الجرعة الثالثة، ولكن عن ثالثة الأثافي التي ستأتي على آخر ما تبقى في جيوب المغاربة. بعد الصحو ستخرج الأرض أثقالها وستحدثنا عن ضرائب أخنوش التي لا تنتهي.


الإلهاء أداة قديمة في التضليل يستعملها السياسيون كلما شعروا بالحاجة إلى تكييف الرأي العام مع أي قرار قادم. تختلف طبعا مستويات الإلهاء حسب الزمن والقضية المفروض تمريرها. أخنوش يعرف أنه تورط في إطلاق وعود فلكية لن يحقهها حتى لو امتلك خاتما سحريا. ويعرف أن المواطن منهك. فلابد من جواز الإلهاء قصد المرور إلى “تربية المغاربة”.

إدريس عدار


المقال التالي