البروفيسور الإبراهيمي يكتب : الكل واع بالثمن الذي سندفعه في حالة تخاذلنا
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيد….بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديد
و سأجيب و بدون تردد… عيدكم مبارك سعيد و نحن و الحمد لله أحسن بكثير من العام الفائت…. وددت أن يسعفني قلمي لأرد على المتنبي من فوق جدار القرون … أن أرد عليه شعرا و لكني سأجيب نثرا لشح قريحتي و من أجل بلاغة علمية دقيقة…. و سأحاول في تدوينتي هذه أن أسرد كثيرا من دوافع الأمل و التفاؤل الحذر….. وما يجب أن نفعله في نظري الشخصي المتواضع….
الأرقام… و جائحة “الغير الملقحين”
نعم موجة أخرى تجتاح العالم و المغرب ليس استثناءا… لقد كان ذلك متوقعا و كما حصل في جل بلدان العالم أن يرتفع عدد الإصابات برفع القيود و ارتفاع الحركية و تفشي المتحور دلتا… و قد أفرزت هذه الوضعية عالمين… الدول الملقحة و التي لم يعد يوازي ارتفاع الاصابات فيها ارتفاع عدد الوفيات و الحالات الحرجة… فبريطانيا مثلا عرفت البارحة54 ألف اصابة مقابل 41 وفاة … و الدول الغير الملقحة التي أدى فيها الحال إلى وفيات بالمئات و انهيار للمنظومة الصحية… فإندونيسيا، البارحة، و ب 51 ألف إصابة عرفت 1092 وفاة… و كأننا ننتقل من وباء عالمي إلى “جائحة الغير الملقحين”…. فماذا عن المغرب؟ لحد الساعة يمكن أن نقول أن الجدار المناعي الذي نحن في صدد بنائه و منذ مدة صامد في وجه هذه الموجة… و لكن يلزمنا بعض الوقت للتأكد من ذلك لأن أثار الإصابات بتطوير الحالات الحرجة لا تظهر إلا بعد ثلاثة أسابيع من بدايتها… يكون خير إن شاء الله… و أتمنى من الله أن تنفصل و تنفصم منحنيات الإصابة بالفيروس عندنا عن نسبة الحالات الحرجة و الوفيات…
و لأن الأزمة الصحية لم تنته بعد… يجب العودة و بسرعة للسلوكيات التي ربحناها خلال الجائحة فالكل يعرف أن الإجراءات الاحترازية و التقليل من الحركية يلعبان دورا مهما في المقاربة اللاطبية… و…. فكلنا يتذكر ما وقع في عيد السنة الماضية و هنا يجب أن أسأل… هل طلب الالتزام بالإجراءات الاحترازية مقابل صيف جميل…. طلب مجحف و غير عادل… لا و ألف لا… فلا يمكن لأي أحد أن يأتي بعد أي انتكاسة (لا قدر الله) و يرمي المسؤولية على مدبري الأمر العمومي… ففي أي مقاربة تشاركية، المسؤولية مشتركة و كلنا راع…. و واع بالمسؤولية…
نعم للتعايش مع الفيروس… لا للتطبيع مع المرض و الموت بالكوفيد
فبعد عام ونصف على الجائحة فكلنا يعرف الفيروس و الجائحة و المرض و الثمن الذي ندفعه عند الإنتكاسة…. موتى و مكلومون…. عزلة الإنعاش و حالة اللايقين… أرفض أن نوضع في هذه الوضعية التي تؤدي ‘لى تدخل مؤسساتي ينفذ الحجر و الاجراءات المشددة…. بغينا ندوزو صيف زوين و من حقنا أن نكمل بناء جدارنا المناعي في أحسن الظروف….
الجدار المناعي…
أن تصنف أمريكا المغرب في المنطقة الخضراء في مواجهة الوباء قبل بلدان أوروبية متقدمة، فخر لنا و قد حققنا ذلك و الحمد لله، بفضل المقاربة الملكية الاستباقية في التلقيح الجماعي و انخراط جل شرائح المملكة في هذه العملية… برافو…. فبينما تناقش بعض الدول إجبارية اللقاح فالعملية الطوعية و الاختيارية بالمغرب تحقق نسبا خيالية… 95 في المئة من الأشخاص فوق السبعين سنة لقحوا… و في استطلاع لجميع الفئات العمرية المغربية، عبر أكثر من 78 قي المئة من المغاربة عن نيتهم في التلقيح و هي نسبة ستمكننا إن شاء الله من الوصول إلى مناعة جماعية عما قريب… لاستكمال بنيان و ارتصاص هذا الحائط يجب علينا أن نغلق بعض الفجوات و المتمثلة في الأشخاص في وضعية هشة و لم يلقحوا…. و هنا أوجه نداءا لهم و لذويهم… لا ترموا بأنقسكم و أهليكم إلى التهلكة فالغالبيىة العظمى من الوفيات بلالمسنشفيات المغربية، أشخاص مسنون لم يلقحوا … أستحلفكم بالله أن لا تبخلوا في إنقاذ أرواح مغربية بجلبهم للتلقيح و نصحهم به…. و لاسيما بوصول الملايين من الجرعات و بلوغنا و بكل فخر و اعتزاز إلى تلقيح الفئات العمرية الشابة …. مما ينقلني للحديث عنها…
أنا شاب ….و المرض لا يهددني… فلماذا ألقح؟
أولا، و لأنه و رغم أنك شاب فهناك احتمال أن لا تمكنك خاصياتك المناعية من مواجهة المرض… فعدد الشباب المرضى بالكوفيد في ارتفاع هذه الأيام. ثانيا، على المدي البعيد، لا نعرف تأثير الإصابة على الحالة الصحية للمصابين مستقبلا… كمثال، فهناك الكثير من الشباب لم يسترجعوا بعد حاستي الشم و التذوق …. و لا أريد أي شاب أن يجازف بالإصابة و يتبين بعد سنين أن إصابته تجعله مستهدفا بأمراض أخرى… الوقاية خير من العلاج… ثالثا، شخص غير ملقح يعدي مرات متعددة أكثر من شخص غير ملقح مما سيؤدي بهذا الشاب حتما لنقل الفيروس لأعداد كبير من أحبته و يجازف بحياتهم و لا سيما إن كانوا غير ملقحين…
لا أستطيع وصف إحساس أي شاب يظن أن الفيروس مر به ليصل إلى جده الذي يرقد في المستشفى بين الحياة أو الموت… رابعا، ربما بأخذك سريرا في المستشفى و لأيام للعناية بك ستحرم مرضى بأمراض أخرى من ذلك و ترهق المنظومة الصحية الوطنية… لذا أرى التلقيح كفعل مواطتني بسيط يساهم به الشباب و الكهول و الشيو خ في حماية هذا الوطن من الجائحة… نعم فتلقيحك بالنسبة لي يجعل منك بطلا و وطنيا و أرفع القبعة لك….شكرا لأنك ستساهم بنا للخروح من هذه الأزمة و قريبا إن شاء الله و بأقل الخسائر الممكنة….
و في الأخير، أتمنى لكم عيدا مباركا سعيدا على أمل أن نساهم جميعا في جعله يمر بسلام… و بأرقام مستقرة تجعلنا نتحدث في الأسبوع المقبل إن شاء الله عن مقاربات الخروج من الازمة بين “البينغ بانغ” البريطاني و و التدرجي السانغفوري…
تعليقات