العثماني يعزل “أستاذا” بسبب مؤلفاته في التنوير والعلمانية

وافق رئيس الحكومة سعد الدين العثماني على قرار عزل أستاذ الفلسفة والمفكر المغربي ناشيد سعيد من وظيفته بقطاع التربية والتعليم بالمديرية الإقليمية لسطات بصفة نهائية وما كان السبب سوى “الكتابة”.
وعن هذا القرار أوضح الأستاذ “المعزول” في تدوينة طويلة على “فيسبوك” الخاص به. شرح عبرها خلفيات هذا القرار أنه تعرض لمضايقات متكررة ومطولة طيلة مسيرته المهنية لا شيئ سوى لأنه ينجز أعمال تهم الفكر التنويري.
وأوضح عبر المصدر ذاته, أن مديرية سطات قضت في وقت سابق, أن يعود إلى التدريس في الابتدائي بالبادية بدعوى الحاجة إلى سد الخصاص هناك. ورغم تدخلات ومراسلات مفتش مادة الفلسفة ومدير الثانوي، اللذان دافعا عنه باستماتة باعتباره -كما تقول إحدى مراسلاتهم التي لا يزال يحتفظ بها- قد جعل التلاميذ يحبون مادة الفلسفة بعد نفور طويل منها، إلا أن المديرية أصرّت على قرارها، ليفاجئ بعدها بمنعه من مغادرة التراب الوطني قصد المشاركة في الندوات الدولية التي كان يتلقى الدعوة إليها، وذلك بدعوى أن عودته للتدريس في الابتدائي تحرمه من هذا الحق!!.
وأَضاف “بعد امتصاص الضربة واصلتُ الكتابة بقوة أكبر، فأصدرت كتابي الثالث “الحداثة والقرآن” عن دار التنوير بيروت, لكن الضربة الموالية جاءت هذه المرة من المرض، حيث أصبت بثلاث انزلاقات غضروفية في مستوى العمود الفقري، تُبينها تقارير الفحص الطبي، على أثرها فقدت القدرة على المشي لمدة عام ونصف، عرفت خلالها أيضا ما الذي تعنيه كلمة الألم”.
.
مستطردا بالقول “قدمت ملفا كاملا مكتملا لأجل الاستفادة من التقاعد لأسباب صحية، يتضمن الانزلاقات الغضروفية، والحساسية، والكلي، وهي كلها مشاكل عانيت منها طويلا، استفاد المئات ولم أستفد أنا، بلا مبرر طبعا ! اضطررت إلى مواصلة العمل في ظروف صحية عصيبة. كافحت ما أمكنني ذلك من أجل التقاعد لأسباب صحية، كافحت من أجل حق مغادرة التراب الوطني للمشاركة في المؤتمرات التي استدعى إليها، كافحت من أجل حلحلة وضعي بأي شكل من الأشكال، لكن بدون جدوى.”
وقال الأستاذ ناشيد “ثم جاءت الضربة الأكثر قساوة، حيث استدعاني المدير الإقليمي إلى مكتبه، فوجدت معه شخصا آخر، سأعرف فيما بعد أنه أحد أبرز مسؤولي حزب العدالة والتنمية في المنطقة، ليخبرني أمام مسامعه بأنه سيحليني على أنظار المجلس التأديبي، لأن المريض كما قال لا يحق له أن يكتب أو ينشر أي شيء، بل يجب أن يتناول الدواء وينام كما قال ! مضيفا بأنه هو من سيعين الأعضاء الإداريين للمجلس الذي سيُعقد داخل إدارته، وأن العقوبة آتية بلا ريب”.
وأفاد الأستاذ أنه راسل وزير التربية الوطنية مطالبا إياه بالتحقيق في جلسة التهديد التي تمّت، في خرق للقانون، بحضور ممثل عن حزب العدالة والتنمية، والذي يعرف الجميع أنه على خلاف فكري معه، مع احترامي للأشخاص..
ثم أوضح أستاذ الفلسفة أنه وبعد ثلاث جلسات متتالية قرر المجلس التأديبي عقوبة العزل النهائي عن الوظيفة العمومية، وبعث بالقرار إلى رئيس الحكومة الذي هو أيضا رئيس حزب العدالة والتنمية، والذي وافق فورا على العزل كما ورد في نص القرار.
وأبرز عبر التدوينة ذاتها أن قرار طرده من الوظيفة العمومية بصفة نهائية، لا يفسره سوى كون جهات ظلامية نافذة تريد أن تراه يتسول، انتقاما منه لما يكتبه، ورغبة في إذلال المشروع الذي يمثله، كما أن الجهة المقابلة تخلت عن واجبها في حماية القانون.
وقد أصدر المفكر المغربي سعيد ناشيد مؤلفات عديدة نذكر منها على سبيل المثال : التداوي بالفلسفة, الطمأنينة الفلسفية, دليل التدين العاقل , قلق في العقيدة, الإختيار العلماني وأسطورة النموذج.

تعليقات